أردنا السلام فكان!

TT

لا طاوعتني نفسي ولا سألت. وسمعت طبلا عسكريا من بعيد. وقليل من الناس يتفرجون على الاستعراض العسكري للفرنسيين احتفالا بيوم الهدنة للحرب العالمية الأولى. وشيء غريب: مستشارة ألمانيا تقف إلى جوار الرئيس الفرنسي ساركوزي. يا ترى ماذا يدور في دماغ الرئيس وعقل المستشارة. لكن المستشارة الألمانية جاءت لتطمئن فرنسا أنها لن تعود إلى حرب 1919 وحرب 1939. هذا الغباء الجنوني للقتل والدمار. وقد مات للألمان ملايين واحترقت لهم مدن بكاملها. وعاش الشعب الألماني تحت الأرض في الجليد. إلى آخر الناس التي رأيناها في الأفلام وعند زيارة ألمانيا في الأربعينات، والمعنى الذي يصعب علينا فهمه - نحن أبناء الشرق الأوسط - أنه ممكن أن تنتهي الحرب وتجيء الهدنة ويرفرف السلام.

ولم تعرف البشرية عداء مثل عدائها من الألمان وكل الدول الأوروبية ونحن في شمال أفريقيا، وانتهت الحرب وتحول العدو إلى صديق مهزوم ثم إلى صديق. فالعدو لا يبقى عدوا إلى الأبد والصديق لا يظل صديقا إلى الأبد. أو بعبارة معروفة: لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة ولكن مصالح دائمة. فليكن أي نوع من العدالة أفضل من كل أنواع العداوة. هل أنا انهزامي؟ وهل الاعتراض هو كل من يصعد بالحرب، ويتمنى السلام. ويتمنى أن يبقى أهدأ وأهنأ؟ تشرشل داهية السياسة هو الذي يقول عندما علم أن أميركا أعلنت الحرب على اليابان: الآن أستطيع أن أنام هادئا فلا توقظوني!

ونام تشرشل قرير العين في تلك الليلة. فأميركا سوف تضرب اليابان. وبالفعل استخدمت القنابل الذرية. فهل كانت ستستخدمها ضد الألمان والأوروبيين؟ لا. وإنما ضد اللونين. أسود وأصفر!

وبعد أن ضرب الأميركيون قنابلهم في الشعب الياباني عرف تشرشل النوم العميق. فقد انتهت الحرب وكانت عبرة. ولم يكن تشرشل أو روزفلت أو ستالين من الملائكة وإنما من الشياطين أيضا. فهم أبطال حرب وليسوا أبطال سلام. إنهم قد أنهوا الحروب ولم يغرسوا السلام. وإنما الشعوب هي التي أرادت السلام فكان.

أطول سلام عرفته أوروبا وأميركا وآسيا. وأطول سلام بين مصر وإسرائيل!