التعاون عن بعد

TT

يتأثر اقتصاد دولة من 84 مليون نسمة بعناصر داخلية أو خارجية غير متوقعة. سلبا وإيجابا. وكذلك دولة من 5 ملايين، مثل لبنان. أفكر الآن في مليون مصري هجرتهم أحداث ليبيا. فهؤلاء لم يكونوا يعيلون أنفسهم فقط بل أيضا أعدادا كبيرة من ذويهم. وأحداث المدن السورية لم توقف الحركة في تلك المدن وحدها، بل أثرت كثيرا في اقتصاد مدينة الرمثا الحدودية الأردنية. ولأن سوريا هي بوابة لبنان البرية الوحيدة، فقد تأثرت حركة النقل والتصدير في لبنان، المليء أصلا بالأزمات الاقتصادية.

تشكل الجاليات المصرية واللبنانية العاملة في الخارج دخلا أساسيا للبلاد. وقيل خلال الحرب الأهلية إنه لولا أموال المغتربين لضربت لبنان المجاعة. وعندما انخفضت أسعار النفط وتراجع الاقتصاد الخليجي، فقد نحو مليون مصري أعمالهم، وفقدت نصف مليون عائلة مداخيلها. وتضرر 400 ألف مصري كانوا يعملون في العراق والكويت بعد حرب الخليج. في المقابل «كوفئت» مصر على دورها في مواجهة الغزو العراقي على نطاق واسع. فقد ألغت أميركا ديونا عسكرية بقيمة 6.7 مليار دولار، وأعفتها دول الخليج من ديون أخرى بقيمة 6.6 مليار. ألغى دائنو «نادي باريس» قروضا بـ10 مليارات، ووافقوا على إعادة تقسيط 10 أخرى من دون فائدة. وكان مجموع ذلك نحو نصف ديون مصر الخارجية، إضافة إلى مساعدات اقتصادية إضافية بقيمة 7 مليارات، تبعتها 8 مليارات أخرى بعد انتهاء تلك الحرب.

تساءل البعض، ما هي الفائدة من انضمام الأردن البعيد والمغرب الأبعد إلى مجلس التعاون الخليجي. ربما ليست هناك فائدة أمنية أو عسكرية مباشرة. فالمغرب يبعد 8 ساعات طيران كما لاحظ الأستاذ عبد الرحمن الراشد. لكن لا ننسى أن المغرب شارك في حرب تشرين. فالقوات لا تنتقل فقط بعد اشتعال الحروب. ثم إن في الأردن والمغرب قوة عاملة كبرى، ويمكن أن تفيد كل الأطراف المعنية.

تبعد ولاية هاواي عن العاصمة الأميركية المسافة نفسها تقريبا. فعندما تطبق الأنظمة الاتحادية تظل المسافات عنصرا هاما لكنها لا تعود عائقا هاما. وأنا من الذين يعتقدون أن تجربة اتحادية من هذا النوع قد تكون نموذجا إذا ما عرفت النجاح. وربما توافرت عناصر التعاون في بلدان بعيدة أكثر من دول الجوار. كمثل الوضع الحالي بين المغرب والجزائر أو بين السعودية واليمن أو بين الكويت والعراق أو بين السودان ومصر.

اتحاد بالخيار أجدى ألف مرة من وحدة بالإكراه. وتبادل مفيد لجميع الأفرقاء أفضل من جوار معاد أو قريب متربص.