كلام قالوه!

TT

إذا كان من رأيك أنه كلما ضاق صدر الإنسان اتسع لسانه، فأنت على حق.. ويكفي أن ترقب ما يفعله الناس وتستعيد ما يقولونه حولك.. تجد الصديق يمتدح الصديق صباحا.. ويشتمه مساء، ويمتدحه غدا!

إنه نفس الشخص وعلى مسمع منك أنت، فما هو المعنى؟!

المعنى هو الذي استنتجته أنت أيضا: أن الناس مثل زهرة دوار الشمس يسايرون الشمس ويتجهون إليها من شروقها إلى غروبها.. أي أن الناس دوار الشمس الطالعة.

ومعناه أيضا: أن الناس وراء مصالحهم.. إن أعطيت مدحوك، وإن منعت لعنوك!

وأن الناس لا رأي لهم.. وإنما الرأي يجيء تعليقا على المصالح.. وأن صديق اليوم عدو الغد.. وأن عدو اليوم صديق الغد.. ولذلك فلا صداقة تدوم، ولا عداوة تدوم.. وإنما المصالح هي التي تدوم.. فهل تحزن على ما أصاب الإنسان، حين انعدمت القيم والأخلاق والمبادئ، وأنه ألف رحمة تنزل على ناس زمان الذين هم أبي وأبوك وجدك وجدتك؟!

لا أستطيع أن أشاركك البكاء على الماضي فقد انقضى، والدموع لا تعيده.. والحزن لا يبعث من في القبور.. وإنما هذه هي الحقيقة - إن قلتها فأنت حر. وإن رفضتها فأنت حر أيضا!

ولذلك جاء في الأثر: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما.

وأسوأ أعدائك صديق قد انقلب عدوا.

والشاعر يقول:

احذر عدوك مرة

واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق

فكان أعلم بالمضرة

إذن، فلا تغضب من الذي تراهن، فأنت كذلك.. ولكنك لا تدري.. وهذه هي حال الدنيا، فلا تضع قلبك على يدك.. ولكن ضع قلبك في عقلك.. فنحن جميعا نبيع ونشتري.. وكما أنك لا تشتري بغير فلوس.. فأنا لا أبيعك بغير مقابل - فوفر دموعك إن كان قد تبقى منها شيء لمناسبة أعظم!