أهلا بالمغرب والأردن

TT

هل كانت مفاجأة؟ بالتأكيد نعم، فمن كان يتوقع أن تقدم دول التعاون الخليجي على خطوة كبرى باتجاه ضم الأردن والمغرب. وقع المفاجأة كان باديا حتى على كبار المسؤولين الخليجيين، الذين علموا بالنبأ بعد إقراره في القمة التشاورية الخليجية الأخيرة. فعلا مفاجآت مجلس التعاون خلال الشهور القليلة الماضية لا تتوقف، وها هي تتوج بالأردن والمغرب.

ربما من المبكر معرفة طبيعة الانضمام المرتقب للمملكتين، وهو ما سيتضح أكثر بحسب المناقشات التي سيجريها وزراء خارجية المجلس الخليجي، مع نظيريهم الأردني والمغربي، كل على حدة. لكن من غير المتوقع أن تصل هذه الخطوة إلى الانضمام الكامل خلال الفترة القصيرة المقبلة. هناك العديد من الاستحقاقات أمام البلدين حتى يصلا إلى المعايير التي بلغتها دول المجلس الست، مثل توحيد الضرائب والرسوم الجمركية، إلا أن الخطوة الذكية من قبل قادة مجلس التعاون، كانت في ترك الباب مواربا لانضمام عمّان والرباط، فمتى ما توافقت ظروفهما مع الانضمام الكامل، فإن ذلك سيتم، ولو بعد حين.

عدد سكان «التعاون الخليجي» لا يتجاوز 38 مليون نسمة، في حين أن المغرب وحده يربو عدد سكانه على 35 مليون نسمه، إضافة إلى ستة ملايين أردني، وهو ما يعني أن التجمع الجديد سيضم نحو 80 مليون نسمة، ولا خلاف على أن المجلس الخليجي كان بحاجة ماسة إلى عمق سكاني، بالإضافة إلى الامتداد الجغرافي الذي سيتوفر في الأردن عبر حدوده الشمالية مع السعودية.

هناك من يرى أن انضمام الأردن يختلف عن المغرب، باعتبار أن المملكة الهاشمية لها امتداد جغرافي مع دول الخليج، بخلاف المملكة المغربية التي تقع في أقصى شمال غربي أفريقيا. نعم هذا صحيح، لكن من قال إن التجمعات تتكون فقط وفق الجغرافيا؟ فها هو حلف الناتو، يجمع بين بلجيكا وكندا وتركيا، فهل عطلت الجغرافيا تجمعهم تحت مظلة هذا الحلف؟ نحن في زمن التحولات الكبرى، والكيس من استوعبها.

التغيرات في المنطقة وضعت مجلس التعاون الخليجي في منطقة لا تسمح بالوقوف في نفس المكان، كما كان، إما اتخاذ خطوات استراتيجية شجاعة، نحو ترسيخ قوة المجلس ومكانته إقليميا ودوليا، وإما البقاء دون حركة، وهو الأمر الذي تسبب بمقتل مجالس عربية أخرى مماثلة، كمجلس التعاون المغاربي، الذي ربما هو بنفس ظروف المجلس الخليجي، لكن الفرق أن المجلس المغاربي بقي فقط حبرا على ورق، دون أي قرار تاريخي واحد يصب لصالح مواطنيه.

في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، يحتفل مجلس التعاون الخليجي بمرور 30 عاما على إنشائه. نضج المجلس وأصبح يصنع المبادرات، ويعتمد على الحركة السريعة والديناميكية في اتخاذه للقرارات. نعم المجلس واجه، ويواجه، عقبات وخلافات اقتصادية، لكن مجابهته للتحديات السياسية الخطيرة، التي تمر بها المنطقة، خطف الإعجاب، وحول النظرة التشاؤمية للشارع الخليجي، إلى ترقب لما يمكن أن تصل إليه طموحاتهم المستقبلية. مجلس التعاون كسر قالب الجمود، وتحرر من القيود التي كانت تعيده للخلف، بقي على دوله أن تعزز هذا التوجه ولا يعيق أيا منها المرحلة التاريخية التي تعيشها، مهما كانت المبررات.

[email protected]