وصلت!

TT

الثورة العربية، والربيع العربي، وثورة الشباب.. اختر ما تشاء من الأسماء التي اعتمدها الإعلام العربي لوصف ما يحدث في الشارع العربي السياسي، لكن «شيئا ما استجد»، شيئا ما مثيرا للاهتمام وفي غاية الأهمية أيضا.

الثورة الآن ضمت إليها الإعلام الفلسطيني والمناداة بتحرير القدس وفلسطين، وهي القضية العربية الأهم، التي استغلتها الأنظمة العربية أسوأ وأرخص استغلال. أنظمة ادعت أنها واسطة خير، ليكتشف العالم أنهم مجرد حماة للحدود وكابحي جماح المقاومة الممكنة. أنظمة تغنت بأنها تحمي المقاومة وتنادي بها ليكتشف العالم أنها هي لديها حدود مع «العدو» لا يمكن أن تكون أكثر أمانا! واليوم وصلت «الثورة» إلى الداخل الفلسطيني (وهو ما توقعته في أول طلوع للثورتين التونسية والمصرية). إسرائيل بات عليها أن تواجه الغضب الفلسطيني المصحوب بالغضب العربي الصادق والعفوي. انطلقت مظاهرة بسيطة في منطقة قلنديا بالداخل الفلسطيني ليتوتر الجيش الإسرائيلي ويرسل 10 آلاف جندي لإطلاق النار بكثافة على المتظاهرين، وبعدها انطلقت مظاهرة في الجولان المحتل، وتحديدا في منطقة مجدل شمس، وفورا يعلن الجيش الإسرائيلي أنها منطقة عسكرية محظورة، ويبدأ في إطلاق النار بشكل عشوائي إرهابي، مثله مثل الأنظمة العربية المتهمة.

الشارع العربي، الذي فرح الغرب بتحركه ويقظته بعد سبات عميق، تناسى أنه يمر في داخل إسرائيل وتل أبيب ويافا والقدس، وأن ما تحرك حول إسرائيل على أيدي العرب لا بد أن تصيب عدواه عرب إسرائيل أنفسهم. طبعا لن يكون هناك رد فعل من الأمم المتحدة ولا من أميركا ولا من بريطانيا ولا من فرنسا ضد إسرائيل واعتداءاتها، ولن نرى قوات تحالف «ناتو» تدك الجيش الإسرائيلي لإيقاف جرائمه الدموية، لكن الشرارة انطلقت ولا شك. اليوم غير أمس، وشعوب مذلولة ومكسورة ومقهورة وخائفة لا يمكن أن تكون قادرة على تحرير نفسها.

بدأت نسائم الكرامة ورياح الأمل وهبات العزة تهب، فحمَّست الشباب وجرَّأتهم وكسرت أسوار القلق والخوف بداخلهم. وضع إسرائيل هو وضع خاطئ وظالم، ويجب أن تعود الكرامة ويرجع الحق الفلسطيني بلا أدنى تأخير. أريد أن أسمع ممن أطلوا علينا ككُتاب معتدلين أمثال توماس فريدمان، الذي كتب وتغزل بميدان التحرير والثورة المصرية العظيمة.. أريد أن أرى كيف سيتعامل مع الثورة التي انطلقت داخل إسرائيل من العرب وهم ينادون بشعار قريب جدا من الشعارات التي انتشرت حول مناطق مختلفة من العالم العربي، وهو «الشعب يريد إنهاء الاحتلال»، مطلب إنساني عظيم. كانت إسرائيل ماهرة وخبيثة في تمييع وتأجيل أي حل وأي مبادرة وأي فرصة، لكن اليوم الموضوع تغير، وعلى إسرائيل أن تدفع فاتورة طويلة وباهظة بسبب أفكارها وأفعالها وعقائدها وتعصبها، وهي فاتورة آن أوان سدادها.

مشهد جديد يقدمه لنا الربيع العربي، وتواصل سنة 2011 تقديم المفاجآت العظيمة، لكن هذا فصل مبهر ومثير طال انتظاره.

[email protected]