وهذا الصدى الجميل!

TT

لمن يكتب الكاتب؟

يكتب لك مباشرة فيعرض عليك، ويتسلل إلى داخلك ويحدثك عن نفسه وعن نفسك.. ويكون له رأي في أفكارك أو سلوكك.. أو في حياتنا معا.

فإذا قال لك مثلا: لا تجلس أمام التلفزيون طويلا أو لا تنم بعد الأكل مباشرة.. أو لا تتناول السكارين لكي ينقص وزنك.. أو ينصحك أن تأكل الفاكهة بقشرها، لأن القشر سليلوز ويساعد على حركة الطعام في الأمعاء.. ثم يقول لك مرة أخرى لا تأكل قشر الفاكهة، لأن القشر يحتفظ بالمبيدات الحشرية، فهذه وجهات نظر يعرضها عليك وتستطيع أن تأخذ بها فورا ووحدك..

أو يكتب لك كواحد يملك اتخاذ القرار. فأنت أخطر وأكثر فاعلية من مئات الألوف من القراء.. وإقناعك هدف.. فإذا اقتنعت كان قرارك صالحا عاما..

ولكن مشكلة صاحب القرار أنه مشغول جدا، وأن وقته لا يتسع للقراءة.. بل وقته لا يساعده على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

ولكن عقل هذا القارئ هدف يجب أن تسلك إليه شتى الطرق في الصحافة والإذاعة والتلفزيون لخطورة اقتناعه وقراره بعد ذلك.

أو يكتب الكاتب لعموم الناس.. لكل القراء.. ومن الضروري اقتناع الكثيرين معا.. فيكوّن منهم رأيا عاما.. وهذا الرأي العام له قدرة على رد الفعل.. وبذلك يكون قوة تضغط على غيرها وعلى صاحب القرار.. وهذا الضغط يؤدي إلى تعديل مسار الأحداث.. وصاحب القرار يرضيه ويسعده أيضا أن يكون قراره صدى لشعبية عريضة.. فإذا قرر كان صداه أقوى، وكانت الفائدة منه أوسع.. وبذلك يكتسب شعبية جديدة هو حريص عليها..

والكاتب كما اعتاد على أن يكتب وأن يكون للكتابة صدى.. فقد اعتاد أيضا على ألا يكون لها صدى.. فما أكثر ما قال وما أكثر ما يطالب به وما أصعب تنفيذ كل الرغبات.. لكنه لن يتوقف عن القول ولن يكف عن الإصرار.. ولا بد أن يقول فإن لم يجد صاحب القرار، فسوف يجد الرأي العام الذي يضغط على صاحب القرار..

أو يقول شعرا ويغني والناس تردد وراءه ويكتفي هو بهذا الصدى الجميل!