عدم الكسب غير المشروع

TT

هل يمكن أن تدفعنا تحقيقات حالات الكسب غير المشروع إلى اقتراح تحقيق في حالات «عدم الكسب» غير المشروع؟ وأعني حالات الناس الذين لم ينالوا مستحقاتهم عن أعمالهم، أو تم بخسها.

أستغرب جدا التوق إلى أساليب الاستبداد تحت زعم استعادة هيبة الدولة. المدهش أن هذا التوق يصدر معظمه، بإلحاح وتحريض، من كتاب ومثقفين يرفضون توخي الحذر (وهو مطلوب) من سوء التقدير وظلم الناس ويسمونه: «رخاوة»، فنرى هذا يهيب برئيس الوزراء أن يظهر «العين الحمراء»، وتلك تنادي بالإعدام العلني، وذاك ينظر في المرآة ويصافح نفسه مبديا المصالحة مع «الآخر»، بينما هو في نداء متواصل للضرب «بيد من حديد» لقمع «الآخر» الفعلي الكائن خارج مرآته.

الحزم شيء، و«العين الحمراء» شيء آخر؛ فهي: الترويع. وتطبيق القانون غير «الضرب بيد من حديد» الذي هو: تجاوز عدل القوانين؛ ومثل هذا التوجه الإجرامي هو ما اقترفه حبيب العادلي بالمشاورة مع رموز الزمن الاستبدادي، وقد رفضته جموع الشعب المصري منذ 25 يناير (كانون الثاني) حتى أسقطته في 11 فبراير (شباط) 2011. «العين الحمراء» و«الضرب بيد من حديد» هي التي شنقت بجبروتها الشابين الشهيدين العاملين المعدمين «خميس» و«البقري» في 17 أغسطس (آب) 1952 بتهمة تزعم مظاهرة عمالية (وإن كانت لتأييد حركة الضباط والقائد العام محمد نجيب). «العين الحمراء» و«الضرب بيد من حديد» هي التي زينت لمحمد أنور السادات اعتقال 1536 شخصية في فجر واحد، من أقطاب الثقافة والسياسة والدين والرأي، في ما اشتهر بمصطلح «هجمة اعتقالات سبتمبر (أيلول) 1981»، وكانت عاقبتها قتل فاعلها بعين أشد احمرارا ويد أثقل حديدا.

المهندس نجيب ساويرس، صاحب حزب «المصريون الأحرار»، يحتاج إلى «منقح كلام» حتى لا يقع في ما يقع فيه من تصريحات وعبارات غير سليمة؛ مثل قوله في جلسة الحوار الوطني الأولى عن ضحية جريمة قطع الأذن إنه يستحق «قطع الرقبة» لأنه قبل بالمصالحة، بينما تفضل هو بالتصريح، في حوار بالقناة الأولى المصرية يوم 10/5/2011، بأنه ذاهب إلى شيخ الأزهر يطلب منه «وضع حماية الأقلية القبطية بين يديه»، ناسيا أن شيخ الأزهر ليس «بابا»، وأن مشيخة الأزهر ليست الحكومة، المسؤولة بالقوانين عن حماية كل البلاد، وأن شعب مصر ليس بينه «أغلبية» و«أقلية»؛ بل هم في جملتهم «المصريون الأحرار» حقا وصدقا وقانونا، وليسوا مجرد لافتة حزبية فارغة من المحتوى. والحاصل أن المهندس ساويرس ذهب بالفعل لمقابلة شيخ الأزهر وقبل يده في تقديس لا يقبله الأزهر، فبالله عليكم كيف ينسجم هذا الموقف مع تصريح ساويرس آنف الذكر عن ضحية جريمة قطع الأذن؟

كتب واحد من الكتاب «لا لتطبيق الحدود» مشهّرا بمصطلح «الحدود» في الشريعة الإسلامية، غير واع بأن «الحدود» هي: «العقوبات القانونية»، والمنادي بعدم تطبيق «الحدود» كأنما ينادي بعدم تطبيق «القانون». ولا شك أن حضرات المشهّرين بـ«الحدود» لا يعرفون قاعدة فقهية إسلامية تقول: «لا حدّ بعد ابتلاء»، وتفيد بعدم جواز تعذيب المتهمين أو إخافتهم لإجبارهم على الاعتراف وإلا سقط حق توقيع «الحد» عليهم؛ أي يسقط حق توقيع «العقوبة».

اقترحت مستشارة قانونية حرمان الناخب الأمّي من نصف صوته؛ يعني كل ناخب له «صوت» انتخابي، إلا الأمّي له «نصف صوت»، فما هي يا ترى «مقاصد» السيدة المستشارة؟

بؤرة الموضوع: أتساءل.. ماذا لو غلب سلامكم كلامكم قبل ثورة شعب 25 يناير؟