الخطاب المنتظر!

TT

يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما كلمة موجهة للعالم الإسلامي، وتحديدا العالم العربي منه. وبحسب المعلومات الأولية التي تسربت عن مضمون الخطاب، ستكون النقاط الأساسية عن الثورات العربية المنطلقة الآن بالمنطقة، ومساعي السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويقال إن مدة الخطاب التلفزيوني، الذي سيلقى من داخل البيت الأبيض، هي خمس وأربعون دقيقة، وهي مدة طويلة جدا بالقياس التلفزيوني الحديث، ومن المتوقع أن ينال الحديث السوري نصيبا مهما جدا من الكلمة يعكس فيه موقف الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي ومطالبه من تبعات الأحداث المتتالية والدامية جدا. وسيخطئ الرئيس أوباما إذا لم يقرأ ما يحدث في العالم العربي بشكل دقيق وواضح، لأن ما يحدث الآن هو أن هناك شعوبا استيقظت تبحث عن كرامتها وحريتها مثلها مثل شعوب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والتيبت وبورما وغيرها، فلا بد أن يكون العالم الحر الذي يروج ليلا ونهارا للحرية والحقوق مع دعم هذا الحراك بدلا من الوقوف بخنوع ونفاق وإنكار لحالات كثيرة من الطغيان والاستبداد. وسيكون مخطئا جدا الرئيس أوباما إذا لم يدرك أن الانتفاضات الفلسطينية المتتالية داخل الأراضي المحتلة هي أيضا من نفس المبدأ، فهي لشعب يعيش تحت نظام ظالم ومستبد وطاغٍ يمارس أعتى أنواع العنف والإبادة المقننة بالإبعاد والإذلال والحرمان ويدعم من قوى العالم العسكري والسياسي، وأن الاعتقاد بأن هناك «أنواعا» من الظلم ممكن محاربتها وأخرى ممكن إنكارها هو بداية الخطأ وزيادة حجم الشك والخوف والقلق من النوايا والسياسات الأميركية بالمنطقة، ويخطئ الرئيس أوباما إذا اعتقد أن العالم العربي يريد محاضرة عن «القاعدة» وعن أسامة بن لادن، لأنهما لم يعد لهما وجود، فهما من الماضي والآن هناك لحظة زمنية أهم، لحظة لأجل الكرامة والحرية والحقوق وإيجاد دور جديد لهم في عالم جديد متغير يخط ملامحه جيل جديد من الشباب، إنها اللحظة العربية الجديدة. لا يزال الكثيرون يتذكرون خطاب الرئيس باراك أوباما الشهير، الذي ألقاه بجامعة القاهرة ورُوج له بأنه رسالة صريحة ومباشرة ومفتوحة للعالم الإسلامي، وكان غير مسبوق في طرحه وأسلوبه، ولكن جاء مخيبا للآمال مع «فراغ» هائل في ما تم تنفيذه وتحقيقه من وعود. الناس اليوم تدرك تماما أن العد التنازلي للبرنامج الانتخابي للرئيس أوباما قد بدأ، وأن كل كلمة سوف تكون محسوبة جدا عليه لدى الناخب الأميركي والقوى الضاغطة والمؤثرة هناك، وبالتالي لن يكون بمقدور الرجل تحقيق ما سيعد به في مجال موضوع السلام بين فلسطين وإسرائيل، لأنه غير قادر على الضغط على إسرائيل للتحرك، وخصوصا في ظل توحد موقف الفرقاء الفلسطينيين بعد طول خلاف. هناك أمل أن يتمكن باراك أوباما بالتركيز على مناهضة الاستبداد والظلم وعدم تمكين الأجهزة الحاكمة من قتل وترويع شعوبها كما كان يحدث بعلم وإدراك وإنكار الإدارات الأميركية المتلاحقة، لأن هذا النوع من السياسة بات صعبا قبوله في زمن مفتوح وشفاف. باراك أوباما ليس بجورج بوش (لا يوجد كثيرون مثل جورج بوش الابن على أي تقدير، ولكن هذا بحث آخر!) ولكنه كرئيس جاء إلى كرسي الرئاسة بطموح كبير محملا بآمال وحسن ظن هائل من العالم عليه أن يبرر لنفسه على أقل تقدير أنه يستحق جائزة نوبل للسلام التي منحت له «مقدما» لإنجاز لم يتحقق منه أي شيء حتى الآن، وقد يكون الخطاب المنتظر وما سيأتي بعده من سياسات وتشريعات وقرارات خطوة بهذا الاتجاه. سنستمع ونرى وبعدها نحكم! العبرة لن تكون فقط بالخطب والكلمات فنحن سئمنا هذا الأسلوب أساسا.

[email protected]