3 قرون محذوفة!

TT

خبر مثير ومهم، انتشر في وسائل الإعلام، وهو أن هناك ثلاثة قرون وهمية مضافة على التاريخ البشري!

نعم، هذا هو خلاصة ما توصل إليه الباحثان الألمانيان هانس أولريخ نيميتز، وهيربرت ليغا، وأطلقا عليه اسم «نظرية الشبح»، وفيها يؤكد الباحثان أن هناك ما يقدر بـ297 سنة لم تمر بشكل فعلي على البشرية، بل جرى إضافتها على التقويم الزمني بشكل جعل من الحقبة المفترضة أن تكون ضمن تلك السنوات مجرد حقبة بأحداث وهمية.

وحسب أولريخ وليغا، فإن ثمة مؤامرة تاريخية جرت على التقويم الزمني المعروف، مؤامرة مشوبة بالسياسة و«توظيب» الذاكرة من جديد!

العالمان يبسطان الأمر بالإشارة إلى «مؤامرة» حيكت عبر التاريخ، وبطلاها: يوليوس قيصر، والبيزنطيون. ويقولان إن تلك «الأعوام الشبحية» قد فقدت بالتدريج، وليس دفعة واحدة، بمعنى أنه قد يكون عقد ما فُقد هنا، أو قرن هناك «أثناء تدوين وثائق الحقبة البيزنطية في القرن التاسع، أو خلال حكم أوتا الثالث، الذي قام بشكل مصطنع بتقديم تاريخ حكمه باتجاه عام 1000 الميلادي، الذي يعتبر عاما رمزيا وفعالا»!

وحسب هذه النظرية، فإن هذا «التسرب» الزمني التاريخي الكبير جرى في كامل المساحة التاريخية التي دوما يشكو المؤرخون فيها من «فجوات» زمنية سوداء غير موثقة، عكس فترات سبقت أو تلت هذه الفجوة الزمنية! ويدللون على ذلك بالفترة البيزنطية في منطقة الشرق الأوسط للفترة ما بين 600 - 900 ميلادية، ومن المفترض في هذا الوقت أن تكون الممالك البيزنطية والإسلامية تقاتل بعضها في مناطق الشرق الأدنى وحوض البحر المتوسط.

بكل حال، تظل هذه الخلاصات مجرد نظرية مثيرة محل جدل بين العلماء المختصين، ولم تصبح بعد حقيقة علمية ولا حتى قريبا من ذلك.

لكن أثار هذا الخبر العلمي الكثير من الهواجس، وتساءلت: ماذا لو اخترنا أن نحذف ثلاثة قرون دفعة واحدة من تاريخنا؟! أو بالمفرق، هل ستكون عصور الخضوع للاستعمار بكل مراحله وأشكاله ومناطقه؟ أم هل ستكون عصور ما يسمى عصور الانحطاط المملوكي والعثماني؟ أو ستكون عصور الصراع الشديد بين أمراء الطوائف في الأندلس ومن ثم سقوط الأندلس؟ أم ستكون عصور تفسخ الدولة العباسية؟ أم ستكون كل عصور ما بعد التحرر والاستقلال وقيام ما يسمى بالدولة الوطنية الحديثة، أو غير ذلك؟!

لاحظ أننا قلنا قد تختار القرون بالجملة أو بالمفرق.

هل نحن الآن، فيما يسمى الثورات العربية، نرتق ما انفتق من ستر الزمان علينا، ونرقع ثقوب ثيابنا التاريخية؟! أم أننا نمزق ثوبا باليا لنلبس باليا غيره، وندخل من جديد في ثقب أسود من ثقوب التاريخ يلتهم الوقائع والحقائق؟

تأملوا في هذا الخبر المثير. فكم هو خادع هذا التاريخ وموهم هذا الزمان.

[email protected]