الرئيس اللص

TT

لا شك أن باريس من أجمل مدن العالم، والذي أطلق عليها مسمى (مدينة النور) لم يكذب، ليس من أجل مبانيها فقط، ولكن لما تحويه هذه المدينة من تاريخ حضارة ورقي، ولو أنني أردت أن أستعرض أسماء الفلاسفة والعلماء والفنانين والأدباء والشعراء وحتى الصعاليك الذين تركوا بصماتهم وألوانهم وضحكاتهم ودماءهم ودموعهم و(هرطقاتهم) على حجارة الأرصفة، وعلى شرفات المنازل، لما كفاني هذا العمود المحدود الذي أكتب فيه، وكلما تسنى لي أن أعبر شوارعها دون أي غاية - وما أكثر ما عبرت دون غايات - تسرح عيني وتفكيري في هذا الجمال غير المصطنع ويذهب خيالي رأسا لرجل جعل من باريس زينة المدن، واسمحوا لي غصبا عني وعنكم أن أتحدث إليكم عن المدعو (جورج هوسمان) - رغم أن البعض من إخواننا المسلمين يصرون على تسميته بـ(عثمان) -، وهو في الحقيقة (ألزاسي) الأصل ولد سنة 1809 في باريس وصار حاكما لمقاطعة السين من سنة 1870. وفي مدة ولايته تلك بنى في باريس سبعة وسبعين ألف منزل، وقد أنشأ أهم شوارع العاصمة الفرنسية كشوارع تربيفو ولافايات والبيرينادي وناحية الأوبرا والجادات الخارجية، ونظم ساحات الاتوال والعرش وإيطاليا وجميع الحدائق الصغيرة وبعض الحدائق الكبيرة كالبوت شومون ومونسو، وبنى عشرين كنيسة ونظم غابة بولونيا وغابة فنسن وبنى السكة الحديدية المحيطة بباريس وأتم غير ذلك كثيرا من الأعمال المهمة. وأنشأ طرقا يبلغ عرضها 20 و40 و80 مترا. ولما طلبت منه الإمبراطورة أوجيني أن يجعل عرض جادة غابة بولونيا أربعين مترا وهي كانت تتوهم أنها تبالغ في طلبها جعل عرض تلك الجادة ثلاثة أضعاف ما طلبته الإمبراطورة.

وكان (هوسمان) عضوا في مجلس الشيوخ ثم عضوا في مجلس النواب وعضوا في ندوة الفنون الجميلة، وتوفى سنة 1891 في حالة لا يمكننا أن نقول عنها إنها حالة يسر، فقد كان يتناول راتبا سنويا قدره ستة آلاف فرنك لا غير.

والمضحك المؤلم أنه مات في النهاية في شقة مظلمة لا يملكها.

لا أريد أن أقول: أين أنتم يا مديري البلديات في المدن العربية من (هوسمان)؟!

* * *

لص ظريف تسلط على بعض المصارف النائية في النمسا، وسطا عليها مرتديا قناعا محكما من الصعب أن يكتشف أحد زيفه، والمشكلة أن ذلك القناع هو الوجه (الخالق الناطق) للرئيس الأميركي (أوباما)، وزاد الطين بلة أن ذلك اللص له نفس الطول والعرض، ويتحدث بنفس اللكنة الأميركية التي يتحدث بها الرئيس الأميركي، ولكنهم بعد ست عمليات سطو تمكنوا للأسف من القبض عليه.

ولا ينقص على ذلك اللص الظريف إلا أن يأتي معه بشبيهة لزوجة أوباما (ميشيل) ليكتمل الناقص.

[email protected]