إسرائيل والواقع العربي الجديد

TT

سريعا أجهضت محاولة الرئيس الأميركي باراك أوباما بإعادة الحياة لمفاوضات السلام، رد عليه بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، بلا صريحة وسريعة. رفضها بلا مواربة، هذه المرة، وبالتالي أراح الجميع من مسرحية مملة.

لا شك أبدا أن القضية الفلسطينية لن تموت أو تنسى، فقط لأنه قال لا أو لأن أوباما مشغول بحشد التأييد لنفسه في الانتخابات الرئاسية، ستعود بقوة إلى الواجهة، ولن يمكن تجاهل مطلب الفلسطينيين في تحرير أرضهم وإقامة دولتهم. لقد تغير الأمر الواقع الذي كانت تقول له لا إسرائيل، اليوم هي أمام أمر واقع تحت التأسيس إثر ثورات مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن. لن يكون مقبولا استمرار إسرائيل في تبرير احتلال أراضي الغير باسم الديمقراطية، ولن يكون ممكنا للحكومات العربية بعد ثورات الشارع المتاجرة بالقضية إقليميا. على الجميع أن يواجهوا الواقع الجديد. الواقع الذي خلقه شاب عاطل عن العمل في تونس أقدم على حرق نفسه فأشعل المنطقة. من كان يتوقع أن يموت المصريون في سبيل تغيير النظام؟ من كان يتخيل أن يتجرأ الشعب السوري فيثور، ويقتل منه مئات الناس ويستمرون في العودة للتظاهر في الشارع نفسه ليقتل منهم المزيد. هذه العزيمة لن يكون ممكنا إيقافها.

كل الانتفاضات التي حدثت وتحدث اليوم حصرت همها في شأنها الداخلي. في كل الميادين التي انتفضت، وعلى مدى أربعة أشهر تقريبا، لم يحرق خلالها علم أميركي أو إسرائيلي، لأنها لم تكن مظاهرات نظمتها الحكومات تريد بها صرف الأنظار إلى الخارج عن قضاياها الداخلية. وربما بعد عام أو عامين من الآن تكون معظم هذه الدول قد استقرت وحان موعد الاستحقاقات الأخرى. بعدها لن يكون سهلا على العالم أن يقف متفرجا على استمرار إسرائيل في احتلال وقمع الفلسطينيين تحت أعذار تلمودية أو باسم التفوق العسكري أو لأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة. لن يكون سهلا على العرب الذين حصلوا على حريتهم، ولا على بقية شعوب العالم، الجلوس في موقف المتفرج. ولن يكون جميلا منظر الرئيس الأميركي، الذي يقول إنه يقف مع حقوق الشعوب العربية في سبيل إقرار مصائرها، أن يقف موقف المتفرج هو الآخر حيال ما يحدث في الضفة الغربية وغزة.

الحسابات الانتخابية الأميركية تضع أوباما في زاوية حرجة اليوم، خاصة أنه بدد عامين في محاولات تفاوضية بلا خطة طريق واضحة. بقي على المؤتمر الحزبي للديمقراطيين أقل من أربعة أشهر، لتنطلق الحملة رسميا، وتحسم في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل. فما قد يحدث في الشرق الأوسط من الآن وحتى بعد ثمانية عشر شهرا سيكون حاسما، ليس للولايات المتحدة انتخابيا، بل أيضا سيكون قد تغيرت خارطة المنطقة أيضا.

[email protected]