فرصة أخرى للإصلاح

TT

كما يقال في لعبة التنس، الكرة الآن في الجانب الإسلامي. ولكن مثلا آخر يقول لا يمكن التصفيق بيد واحدة. لقد مد أوباما يده لنا، فهل سنصفق معها أم نردها إلى صدره؟ كراهيتنا السياسية لأميركا مستأصلة في قلوبنا. تعود جذورها إلى الدعم الأميركي لإسرائيل وإلى تحالفنا مع الكتلة الشيوعية وتبني الاشتراكية مما أدى إلى تغذية عقولنا وعواطفنا بكره الغرب الرأسمالي. راح الإسلاميون منا يصفونه بالصليبية واليساريون منا يصفونه بالإمبريالية. ليس من السهل غسل خلفية قرن من الزمن. كما أنه ليس في عالمنا العربي الكثير من أمثالي ممن يطورون ويغيرون أفكارهم بين يوم وليلة!

لقد قام أوباما بمغامرة كبيرة في التخلي عن حلفاء أميركا وإسرائيل التقليديين في المنطقة وتأييد المعارضة الشبابية التي يشتبه الكثيرون بميولها العقائدية الإسلامية، وتحالفها مع إيران في بعض الساحات. وسبق أن أبدت إسرائيل تحفظها من هذه التحولات.

ما يريده أوباما ثمنا لكل ذلك هو أن يثبت للمسلمين أن أميركا ليست دولة صليبية عدوة لهم ليناصبوها العداء ويشجعوا الإرهاب ضدها. بيد أن الموضوع ينطوي على الكثير من الإشكاليات. فالتأييد الغربي للمعارضة الشبابية جاء في إطار ردع المسؤولين عن استعمال القوة ضدهم وتجاهل حقوقهم الإنسانية، كسجنهم وتعذيبهم ومنعهم من التعبير عن أفكارهم. يشكل كل ذلك جزءا صغيرا في الواقع من عبوة كبيرة تعرف بحقوق الإنسان. وهي تشمل حرية المرأة وحق المواطن في حرية التفكير والتعبير. ولا شك أن الغرب سينتظر منا الاستجابة لكل ذلك. إذا لم نستجب فسينظرون لما قام به أوباما بمثل نظرتهم لما قام به بوش في العراق. مضيعة وقت وأموال وأرواح.

تبذل تركيا الآن جهودا كبيرة لإقناع أصدقائها من الإسلاميين في الشرق الأوسط بتبني الصيغة المعتدلة من الدين الإسلامي التي شاعت بين المسلمين الأتراك والتوانسة. من المشجع أن نسمع الغنوشي، الزعيم الإسلامي التونسي ورئيس حزب النهضة يصرح باتباع النموذج التركي وتطبيق المساواة بين الجنسين واتباع سبل الحياة الديمقراطية ورفض العنف واحترام حقوق العلمانيين والطوائف الأخرى.

إذا احتضنت الحركات الإسلامية مثل هذه الصيغة المعتدلة من الإسلام وفتحت صفحة جديدة مع الغرب أساسها التعاون والاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية فسيكون أوباما قد أنجز ما عجز عنه الآخرون. ولكن إذا انتهت العملية بفوز المتطرفين بالحكم والتحرش بإسرائيل والتعاون مع إيران وترك الأبواب مفتوحة للإرهابيين ورفض الإصلاحات التقدمية المطلوبة فسينقلب الرأي العام الأميركي ضده ويعود الأصوليون منهم لتجديد دعواهم: هذا رجل مسلم متنكر يسعى لنشر الإسلام ودعم المسلمين بالمكر والخفاء!

إنها مغامرة كبيرة من أوباما قد تفقده الانتخابات القادمة. واضحك عندما أقول إن نتيجة الانتخابات الأميركية أصبحت بيد الإسلاميين العرب!