رسالة إلى خالد مشعل

TT

أظهر زعيم حركة حماس السيد خالد مشعل براغماتية سياسية عالية بعد الانتفاضة التي شهدتها سوريا، حيث تم اتفاق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية في القاهرة بسرعة مذهلة، بعد مماطلة سنوات. السؤال اليوم هو: هل يظهر مشعل ذكاء سياسيا بحجم براغماتيته؟

جميعنا رأى كيف رد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على خطاب أوباما وقوله بأن الحدود الفلسطينية هي 1967، بل وشاهدنا اللقاء «المشدود» بينهما في البيت الأبيض، عندما قال نتنياهو لأوباما إن ما يطرحه غير واقعي. وليس سرا أن علاقة نتنياهو بأوباما لم تكن ودية منذ وصول الرئيس الأميركي إلى سدة الحكم، وليس من المستبعد أن يتم انتخاب أوباما لفترة أخرى، وما يهمنا من كل ذلك أن الظروف في المنطقة تتغير اليوم بعدة اتجاهات، وليس كلها سلبيا على الإطلاق.

كما أن هناك اليوم قلقا متزايدا في إسرائيل، ولدى بعض الدوائر المتعاطفة معها في أميركا، من أن ينجح محمود عباس في تهديده بالذهاب إلى مجلس الأمن لطرح قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. قد يفشل عباس.. هذا صحيح، لكنه استطاع إضعاف موقف إسرائيل دوليا. وعندما نقول إن الظروف في المنطقة تتغير، فها هو الرئيس التركي عبد الله غل يجدد مطالبته لخالد مشعل بضرورة الاعتراف بإسرائيل، وكلنا يعرف تعاطف الأتراك مع حماس، بل ودفاعهم عنها. وعليه، فإن المصلحة، والذكاء السياسي، يقتضيان على خالد مشعل اتخاذ موقف سياسي يعزز موقف السلطة الفلسطينية في التفاوض، وحشر إسرائيل أكثر أمام المجتمع الدولي، وأميركا، وتحديدا أوباما.

المطلوب من خالد مشعل اليوم ليس الاعتراف بإسرائيل من دون ثمن حقيقي يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، بل إن المطلوب هو أن يخرج مشعل ويعلن أن محمود عباس زعيم مفوض لكل الفلسطينيين، وله حق التفاوض مع إسرائيل، ولمدة ثلاثة أعوام، وبلا شروط من قبل حماس، عدا شرط واحد لا تساهل ولا تفاهم فيه، وهو التنازل عن القدس، وأن ما يلتزم به عباس من أجل الوصول إلى الدولة الفلسطينية ملزم لحماس. حينها لا يمكن لنتنياهو أن يتبجح بالقول إنه ليس هناك طرف فلسطيني يمكن التفاوض معه، أو ترديد عبارات للاستهلاك الإعلامي، وتجييش المجتمع الدولي ضد السلطة وحماس، بالقول إن إسرائيل تطلب توضيحا فلسطينيا لمعنى المصالحة مع حماس.

بمقدور مشعل أن يفعل ذلك اليوم خدمة للقضية الفلسطينية، مثلما خدم حماس مطولا مصالح النظام السوري وإيران وحزب الله من قبل، حيث صعدت يوم لم تكن المنطقة في حاجة إلى التصعيد، ثم عادت حماس وألجمت صواريخها يوم قرر المثلث الإيراني في المنطقة لجم الصواريخ، وإيقاف التصعيد. واليوم المطلوب من مشعل ليس خدمة أهداف تكتيكية، بل خدمة الهدف الأكبر والأسمى، وهو الوصول إلى الدولة الفلسطينية.

إن فعلها مشعل فسيكون قد قدم معروفا للقضية، وساعد على وضع إسرائيل تحت ضغوط أكبر، بل ومعها واشنطن. والقضية ليست قضية نيات حسنة، بل هي المصلحة، لأن ظروف المنطقة كلها لا تخدم مشعل وحركة حماس. والسؤال الآن هو: هل يفعلها مشعل، ويلعب سياسة «صح»؟ دعونا لنرى!

[email protected]