في الوعود وأصولها

TT

ذهب مجلس التعاون الخليجي إلى صنعاء لامتحان وعود فخامة الفريق، فوقع أمينه العام عبد اللطيف الزياني في أول امتحان من نوعه، للأمين وللمجلس. رسب الأول، كما في المرات الثلاث السابقة، ونجح الوسيط في ضبط أعصابه، فيما تحاصره مجموعة من «العفويين» في سفارة الإمارات، خلافا لكل ميثاق دبلوماسي دولي، ولكل تقليد قبلي في معاملة الضيوف.

ومر المجلس الوزاري بامتحان قاس ونجح: علق المبادرة ولم ينهها بسبب سوء تصرف، وحافظ على هدوئه وحفظ آدابه وأثبت أنه في مستوى المرحلة وليس في مستوى العابثين بالوعود وبأمن الضيوف وبحماية الوسطاء. وربما عاد عبد اللطيف الزياني مرة أخرى غدا إلى صنعاء، ومعه عقد يحلم بأن يوقع عليه فخامة الفريق، لأن الشرط الأول في الوسيط طاقة التحمل، ولأن المسألة الحقيقية ليست توقيع علي صالح، بل هي سلامة اليمن وأمن المنطقة.

أسمح لنفسي هنا أن أعلق على نقطتين: الأولى، تلك المقالات التي صدرت عندما دعا مجلس التعاون المغرب إلى الانضمام، فصرخ أصحابها ساخرين يقولون: لماذا المغرب البعيد؟! وماذا عن اليمن القريب؟! أليس الجار الأقرب أولى من الأخ الأبعد؟! لعل الرد جاءهم من حصار سفارة الإمارات واضطرار الزياني إلى الخروج منها بطائرة هليكوبتر. أو لعل الرد جاء في خطاب سيادة الفريق الذي تطلع إلى ملايين الناس يفترشون الأرض منذ 4 أشهر ثم سماهم عملاء وخونة، وسمى نفسه ديمقراطيا، هو وأبناؤه قادة جيشه والمشرفون على نزاهة الانتخابات منذ 33 عاما!

النقطة الثانية أن قارئا كريما كتب إلي بالبريد ثلاث مرات يؤنبني ويقول: لماذا تطارد علي عبد الله صالح مطالبا إياه بالاستقالة ولا تأتي على ذكر بشار الأسد؟! فيا أيها القارئ الفاضل، فاتك أنه عندما طالب الرئيس اليمني المعارضة بمهلة 5 أشهر، ينظم بها خروجه، كتبت مؤيدا. فمن صبر 33 عاما يمكنه أن يحتمل 5 أشهر. أما لماذا لم أطالب بشار الأسد، فلأنه لم يعد مرة بالاستقالة ولا أعطى وعدا بذلك، ولا ملأ الساحات والتلفزيونات خطبا عن استعداده للتنحي. وعد الرئيس السوري بإصلاحات، فطالبته بالإسراع فيها وتوسيع دائرتها. وأعود اليوم فأطالبه، كمواطن جار وكاتب عربي وفرد من هذه الأمة، بأن يفتح قصر الشعب لجميع الشعب، وأن يصغي للناس، وأن يتذكر أن ثلاثة أرباع الناس في سنه أو أصغر، وهؤلاء لا يطلبون سوى الأشياء البسيطة في الحياة، مثل العثور على وظيفة، والجدل في المقاهي، وقراءة الصحف الصادرة في سوريا لا في لبنان.

شعرت بطمأنينة وأنا أقرأ البيان الوزاري في الرياض: ما من أحد فقد أعصابه، وما من أحد فقد آدابه، وما من جماهير «عفوية» تحاصر سفارة اليمن.