سفير بين كل الناس!

TT

لي صديق يعمل سفيرا، وهو سفير بمعنى الكلمة.. فهو يستضيف الناس، وهو يصلح ما بينهم.. وقد تعذب بسبب ذلك كثيرا لأنه حسن النية، وهو يعاني المشكلات في كل مكان يذهب إليه.. فهو يسمع أن فلانا على خلاف مع زوجته.. فإذا به يحشر نفسه بين «البصلة وقشرتها» ويعود حزينا لأنه لم يفلح في أن يحقق شيئا بل إنه أغضب الزوج والزوجة معا.

وهو غلطان طبعا لأنه لا يلم بكل الظروف.. ولأنه لم يتزوج بعدُ فهو لا يعرف أن الخناقات بين الأزواج ضرورة يومية.. أو ضرورة حياة.. ومجال مستمر للمساومة والمصالحة والمراجعة والترابط من أول وجديد!! وقد سمع أن رجلا يعاكس زوجة أحد جيرانه.. وكان ذلك في مدينة روما.. الرجل إيطالي والجار إيطالي.. وقد شكا له أحدهما من ذلك.. فراح يفكر ويفكر، وقرر أن يكون سفير الخير إلى هذا الشر.. وقرر أن يكون حمامة السلام بين الجارين، بل إنه قال لهما: عندنا في الإسلام أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أوصى بالجار السابع.. ودعا الجميع إلى العشاء.. وفتح الموضوع وتكلم هو عن الجار وفوجئ بأن أحدا لم يتضايق من أن يكون هذا الجار صديقا لزوجة ذلك الجار، لا هي اعترضت ولا زوجها.. وقالت الزوجة: لكن زوجي له صديقة!

وتساءل السفير إن كان هذا يرضي الزوجة، فقالت: نعم.. له صديقة ولي صديق واتفقنا على ذلك.

وأحس السفير أنه أدخل نفسه في المكان الخطأ وحاول أن يغير الكلام في الموضوع.. ونجح، ولكن لا يزال وجهه يدل على أنه متضايق مما يحدث بين الجيران.. وتضايق أكثر لأنه أدخل نفسه فيما لا يعينه!

إذا لم تكن هذه الحكاية مفيدة، ففي القاموس شيء من الفائدة.. ففي القاموس: إن السفير هو الرسول ليصلح ما بين الناس.

وفي القاموس: السفرة هي الطعام الذي يحمله المسافر.. والسفرة معناها المنضدة التي نأكل عليها.

قالت السيدة عائشة: صنعنا لرسول الله وأبي بكر «سفرة» في جراب من جلد.

ويقال: أسفر النهار أي: أضاء.

وفي القرآن الكريم: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» أي: مشرقة.

والمرأة سفرت وجهها أي: كشفته.. فهي سافر، ولا يقال سافرة.. قال علي بن أبي طالب لعثمان بن عفان، رضي الله عنهما: إنهم استسفروني بينك وبينهم – أي: جعلوني سفيرا أصلح ما بينكم.

والسافر معناه الكاتب؛ لأنه يوضح المعاني.. والكتاب يسمى «سفرا»؛ ففيه توضيح وبيان للمعاني!