الإنسان يولد خائفا!

TT

في حياتي حوادث كثيرة.. تعجلت بسبب الخوف.. وضاعت مني فرص كثيرة وساءت علاقات كثيرة.. وتأخرت اجتماعيا ونفسيا بسبب الخوف الشديد الذي يشتد على مرور الأيام!

مثلا في إحدى الليالي سرت مع فتاة صغيرة.. كنت أراها صغيرة مع أنها كانت في مثل سني.. لكن كانت لها رغبات صغيرة.. فهي ترفض أن نذهب إلى مطعم، ولو شاءت ذلك لترددت.. إذ كيف أدخل مطعما أمام الناس؟ ماذا يقولون؟ وكيف أقول إذا قالوا؟ لكنها كانت تفضل أن تأكل الساندويتش في الشارع.. وكانت تفضل شراء الترمس على السوداني.. ناعم ولذيذ!

وكانت تجلس تحت كل شجرة وتلمسها كأنها تريد أن تُشهدها علينا.. ولكن على ماذا؟ على لا شيء تفعله أو حتى تريد أن تفعله.. وأدهشني أنها اقترحت أن نسير حافيين، وترددت.. وفجأة خلعت حذاءها وجلست على أحد المقاعد تحت المصباح.. وكلما سارت على طوبة تأوهت في نعومة وتساندت علي.. إذن هذا هو الهدف.. قلت لنفسي: فليكن!

وطلبت منها أن نكتفي بهذا القدر من المشي.. ولم تفهم.. فنحن لم نمشِ سوى عشرات الأمتار في النور والباقي مئات في الظلام.. وقالت: هل زهقت مني؟ فقلت: لا طبعا.. إذن ماذا حدث؟ تعبت.. من ماذا؟ لم أنم منذ يومين!

هل هناك سبب مقنع؟

لا يوجد أي سبب غير الخجل من أن أمشي مع فتاة في الشارع.. ولكن لماذا؟ لا يوجد سبب.. إنه هكذا! لا أريد أن أسير إلى جوارها.. لا أريد أن أرتبط بها.. لا أريد أن أكون إحدى عاداتها.. ولا أن تكون إحدى عاداتي.. لا أريد نفسي هكذا مربوطا مرتبطا!

فالخوف غريزتي الأولى مهما اختلفت الأسماء التي أصنعها لهذا المعنى.. وقد ولدت خائفا.. والإنسان يولد خائفا ثم يبحث عن الأمان بعد ذلك.

والطفل عندما يولد لا بد أن يبكي.. أو لا بد أن يجعلوه يبكي.. فإذا بكى علموه بعد ذلك ألا يبكي أو يبكي بحساب.