وفقا للزميل الكريم

TT

في ندوة إذاعية على «بي بي سي» حول الحال الطائفية وأسبابها في مصر، قال الزميل ياسر عبد العزيز: إن ما يبدو صراعا طائفيا هو في الحقيقة صراع الجهل والفقر والتخلف. وقال: إنه بعد الحرب العالمية الثانية لم تقع أي حرب بين دولتين متمدنتين، بينما وقعت حروب بلا نهاية، بين، أو ضمن، الدول المتخلفة. وأعطى المشاركون الآخرون أسبابا ودوافع أخرى، وبقي هو على قناعته.

لماذا سمي «عصر النهضة» عندنا، وقبلنا في الغرب؟ لأن فيه شاعت المعارف. وقد دخل رجلان مختلفان تماما التاريخ العربي: الحبيب بورقيبة في تونس، وطه حسين في مصر؛ لأن كليهما اعتبر التعليم فرضا إلزاميا على الشعوب، وليس خيارا فرديا. بل رأيا فيه المقياس البشري الأول. أخذت الجماهير في مصر، مسلمين وأقباطا، بأربع شائعات لم يحاول أحد التحقق منها. وما كان منها صحيحا أو شبه صحيح، لم يكن يستحق لا مظاهرة ولا حرائق ولا مذابح. فالصحيح، أي حالات هرب النساء مع رجال خارج الزواج، يملأ صفحات الصحف وصفائح المحاكم في مصر كل يوم. وبعضها يقترن بأبشع وأفظع أنواع الجرائم. وقد قرأت في «الشروق» قبل أشهر، ولا أدري كيف أكملت قراءتها، عن زوجة اتفقت مع عشيقها على قتل زوجها الذي كان يحبها حبا جما. ودخل العشيق إلى غرفة الزوج يطعنه ويخنقه، بينما الزوجة وابنتها تنتظران في الغرفة المجاورة أن يلفظ أنفاسه. وقد تبرمتا لأنه لم يسارع في ذلك.

لم تثر هذه المسألة اهتمام أحد. ولا اعتراض أحد؛ لأن القاتل والقتيل من طائفة واحدة. يعيدنا هذا إلى نظرية الزميل ياسر عبد العزيز, وإلى أن «جريمة الشرف» تقضى عادة ضمن العائلة، بحيث يتولى الأب ذبح ابنته، وفي حال عدم وجوده، يتولى ذلك العم، أو الابن.

لا يجوز أن يترك للجاهلين أن يقرروا مصائر الأمم، ولا أن يقودوا الجماهير نحو الغرائز والدماء. عندما ترك الاستعمار المنطقة وجدنا أن ثمة ما هو أسوأ بكثير: المرض والفقر والأمية والجهل والتخلف. ولا يزال هم مواطننا كيف ينام بلا عشاء بينما هم المواطن البريطاني كيف تكون له ضمانات المواطن السويدي. ويتقاضى المهندس الإلكتروني الهندي راتبا أعلى من نده الأوروبي، منذ أن أثبت أن العلم مسألة ليس لها علاقة بالفقر ولا باللون ولا بالتاريخ.