هل أوباما فوق القانون؟

TT

التدخل الأميركي في الحرب الليبية تدخل بدأ بلبس واضح بشأن قدرات ونقص الصراحة حول الأهداف، التي تحمل في طياتها الآن أثرا مدمرا على سيادة القانون. وفي سلسلة من اللقاءات التي غصت بالنفاق وقف رئيس ليبرالي مع صمت تعاوني من أغلب المحافظين في الكونغرس يقدحون في قرار سلطات الحرب.

سن القانون عام 1973 لمواجهة فيتو الرئيس نيكسون، وربما كان قرار سلطات الحرب حكيما وربما كان غير ذلك، بيد أنه، من دون شك، قانون، وباراك أوباما ينتهكه بكل تأكيد. فهو ينص على ضرورة أن ينهي الرئيس العمل العسكري بعد 60 يوما من بدايته (أو 90 يوما إذا ما «أكد» الرئيس كتابيا الحاجة العسكرية التي لا يمكن تفاديها مع مراعاة أمن قوات الولايات المتحدة) ما لم يوافق الكونغرس على ذلك. كان الكونغرس عاجزا وصامتا تجاه الحرب التي بدأت قبل 70 يوما.

كان جميع رؤساء الولايات المتحدة قد عبروا عن استيائهم من قرار سلطات الحرب، لكنهم جميعا كانوا حذرين في الالتزام بمتطلباته بـ48 ساعة للإبلاغ. ومن ثم ففي 21 مارس (آذار) وبعد يومين من أخذ البلاد إلى الحرب في ليبيا، أعلم أوباما الكونغرس بالحقيقة الواضحة، مشددا على أن العمليات الأميركية محدودة في طبيعتها ومدتها ومداها وفي إطار أهداف محددة. وقبل أشهر من تحولها إلى تغيير النظام كانت المهمة محددة بأنها تهدف إلى حماية المدنيين.

وفي خطابه يوم 28 مارس إلى الأمة، قال الرئيس أوباما: إن الولايات المتحدة ستلعب دورا داعما، لكن قرار سلطات الحرب لا يترك القرار الرئاسي بصنع الحرب دون قيود إذا كانت لدور داعم.

وفي 1 أبريل (نيسان) حددت وزارة العدل الكثير من الكلمات لدحض ما لم يشكك فيه أحد، من أن الرئيس لديه سلطة شن أي عمل عسكري من دون موافقة الكونغرس. ويفترض قرار سلطات الحرب هذا الشيء بموعده النهائي من 48 ساعة أو 60 يوما أو 90 يوما، وتوصلت المذكرة إلى النتيجة التي أرادها الرئيس عبر تأكيد ما يلي، من أنه عند السماح للولايات المتحدة بالتدخل في القتال الذي يتواصل 60 أو 90 يوما فإن «إشارة» الكونغرس تعتبر تصريحا غاية في الأهمية بالاستمرار يتعلق بالنزاعات المطولة مثل كوريا وفيتنام.

لكن الكونغرس لم يفعل ذلك، بل أكد المواعيد النهائية.

بعد الـ60 يوما، التي انتهت يوم 20 مايو (أيار)، كتب أوباما إلى قادة الكونغرس، مشيرا إلى أنه منذ 4 أبريل تضمنت المساعدات الأميركية دعما غير نشط (استخباراتي، لوجيستي، إعادة تزويد بالوقود)، لكنه قرر أيضا، من دون تردد، شن غارات جوية على الدفاعات الجوية الليبية والأهداف الأخرى التي حددتها قوات الناتو. وقال إن الدعم الأميركي جوهري، لكننا لم نعد في قيادة المهمة.

هذا باطل. صحيح أننا لا نقود الحرب بشكل صريح من خلال الناتو، لكن الناتو لن يعمل من دون الولايات المتحدة وغياب الولايات المتحدة يهدد بعدم استمرار الحملة الليبية.

السيناتور ريتشارد لوجر - الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية والعضو الحالي بها - عادة ما يكون وديعا كمروج إنديانا، لكنه اتهم أوباما، في خطاب عاصف في 23 مايو، بأن تعهده باستشارة الكونغرس في العمل وفق قرار قوة الحرب لم ينفذ. وأكد لوجر أن الإدارة ألغت في الآونة الأخيرة، ومن دون أي تفسير، جلسة الاستماع بشأن ليبيا، التي كان سيتحدث فيها نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، ورفض طلب اللجنة أن يشهد مسؤول آخر بوزارة الدفاع في جلسة أخرى؛ حيث حضر أحد مسؤولي وزارة الخارجية ورفض الرد على الأسئلة الخاصة بشأن العمليات العسكرية في ليبيا على الأرض، بحجة أن من الأفضل أن يجيب عنها مسؤول من وزارة الدفاع.

المماطلة ربما تكون قرارا حكيما عندما تكون السياسة أمرا سخيفا، بيد أنها غير مقبولة في الشهر الثالث من حرب قال أوباما إنها قد تستغرق عدة أيام، لا أسابيع. وكما قال لوجر في تصريح مقتضب: «إن العمليات الأميركية اتخذت منحى مختلفا غير ذلك الذي أشرت إليه عندما أعلنت عن قرار بدئها». كان أوباما قد تقدم بطلب تعوزه الحماسة لموافقة الكونغرس على هذه الحرب، لكن يبدو من الواضح أنه سيواصلها من دون الحصول على موافقة الكونغرس.

الليبراليون هم اختصاصيو علم الأخلاق بشأن صناعة الحرب الرئاسية وتخيل سلوكهم إذا تصرف سلف أوباما - الذي حصل على تفويض من الكونغرس باستخدام القوة العسكرية - كما يفعل أوباما بشأن ليبيا. أما غالبية المحافظين الذين يبدون فخرا بالتزامهم بالإبقاء على الحكومة مقيدة، يبدو أنهم تخدروا بمغالطات الإدارة.

يقول جون ماكين: «ما من رئيس اعترف على الإطلاق بدستورية قانون سلطات الحرب، ولا أنا أيضا؛ لذا لا أجد نفسي ملزما بأي موعد زمني». أحقا؟ هل القانون لا يكون قانونا فعليا، إذا لم يعترف الرؤساء والسيناتورات بذلك بالفعل؟ الآن هناك بديل رائع للمراجعة القضائية ومؤشر على كيفية إهانة تفخيم الرئيس والإهمال القضائي، لسيادة القانون.

* خدمة «واشنطن بوست»