«الله.. نتنياهو.. إسرائيل وبس»!

TT

هذا هو الهتاف الذي نقص لقاء الكونغرس الأميركي بالزعيم الصهيوني المتطرف بنيامين نتنياهو لتتطابق الصورة مع صورة أعضاء مجلس الشعب السوري وهم يهتفون: «الله.. بشار.. سوريا وبس» أثناء إلقاء الرئيس السوري خطابه الشهير بعد اندلاع الثورة السورية، عاصفة من التصفيق المخزي في دمشق وعاصفة مخجلة مثلها في واشنطن، لكن ليس التصفيق في حد ذاته وجه الشبه، التشابه بينهما أن التصفيق الحاد والوقوف المتكرر في الحالتين هما تحية لنظامين تجمع بينهما الوحشية والدموية في التعامل مع الشعبين السوري والفلسطيني، والأدهى والأمر أن هذا الترحيب الاستثنائي في كل من دمشق وواشنطن كان لمغالطات صريحة وكذب مكشوف وتزوير للحقائق.

علامَ الوقوف الذي قارب الثلاثين مرة والتصفيق الحاد في الكونغرس الأميركي لزعيم غليظ القلب جلف المعشر، روحه الثقيلة تجعل من قدرته على سحب طن من الفولاذ أهون عليه من «مط» شفتيه لصنع ابتسامة، ولو مصطنعة؟ دعونا من الإجابة بالقول المنطوق في خطاب نتنياهو، ولنركز على القول المفهوم.. يعني لو قال نتنياهو: لا انسحاب إلى ما قبل حدود 1967 ميلادية، فهذا منطوق، فهو في الحقيقة يقول: أدوس بقدمي على قرارات مجلس الأمن التي لا تتماشى مع مصلحة بلادي.. تصفيق حاد ووقوف. يقول نتنياهو عن اللاجئين الفلسطينيين الذين شردهم الاحتلال الإسرائيلي: «يغورون في داهية» ولا مكان لهم في بلدهم الأصلي.. تصفيق حاد ووقوف. يقول نتنياهو: رئيسكم أوباما يدعونا إلى الانسحاب إلى ما قبل 67 وأنا أتحداه، ونقول له: لا، ولا كرامة.. تصفيق حاد ووقوف. يقول نتنياهو: إسرائيل لن تعيش إلا على الاحتراب الفلسطيني بين حماس والسلطة.. تصفيق حاد ووقوف.

إذن فهناك أوجه شبه بين خطاب الرئيس بشار الأسد وخطاب نتنياهو، وكذلك ردود فعل أعضاء مجلس الشعب السوري وأعضاء الكونغرس الأميركي.. لكن لا بد أن نعترف أن مسرحية التصفيق الحاد والوقوف المتكرر للرئيس بشار أكثر منطقية من المسرحية الهزلية لنظرائهم الأميركيين في الكونغرس، لسبب بسيط، هو أن أعضاء مجلس الشعب السوري «جوقة» معينة من قبل النظام، فالمحصلة المنطقية هذا التصفيق والتصديق لكل ما تقوله «حذام».. المصيبة أن أعضاء الكونغرس منتخبون، وأميركا تزعم أنها واحة الديمقراطية ومصدرتها للعالم، ومع ذلك يحصل في برلمانها «المنتخب» هذه المسرحية المخزية.

عودا على الوقفات المثيرة لأعضاء الكونغرس إجلالا لنتنياهو، أنا أظن أن من اللازم على الكونغرس الأميركي أن يسن قانونا يمنع انتخاب من هو أكبر من 60 عاما حتى يقوى على الوقوف المتكرر للزعامات الإسرائيلية في خطابات مقبلة؛ لأن عددا من المسنين من أعضاء الكونغرس لوحظ عليهم الإعياء واستثقال الحركة والوقوف، ولا تثريب عليهم؛ لأنها 29 وقفة لنتنياهو وليست تسعا، فكانوا يتأخرون في الوقوف لدرجة أنهم مع استقرارهم جالسين يكون النشطون من الأعضاء قد وقفوا للتصفيق مرة أخرى، كما أقترح أن يستحدث الكونغرس غرفة مجاورة للقاعة لتدليك ركب الأعضاء قبل وبعد أي خطاب يلقيه زعيم إسرائيلي، كما يستحسن تزويد هذه الغرفة بحبوب تنويم «عند اللزوم» في حال استضافة بعض الزعماء العرب لإلقاء كلمة على أعضاء الكونغرس الأميركي، هذا إذا وافق الكونغرس على وضع اللقاء في برنامج الزيارة.

في سوريا ثورة شعبية لإصلاح كل شيء، بما في ذلك الوضع المتخلف لمجلس شعب فرض عليهم، السؤال المصيبة: كيف يصلح الشعب الأميركي مجلسا هم من انتخبه؟

[email protected]