مطلوب هيئة

TT

تحدثت مرارا وتكرارا لطرح موقف متوازن حول (المشاريع الصغيرة والمتوسطة) في المملكة العربية السعودية، لدعم أبنائنا وبناتنا في العمل الحر. فهناك من يتهم الإجراءات والقوانين ضد الراغبين في العمل الحر، مرجحا بذلك كفة الشركات الكبرى، لأسباب متفرقة. وهناك من يتهم أصحاب الأعمال بأنهم لا يملكون المقومات الأساسية التي تؤهلهم لإنشاء مشروعاتهم، قدرة وتحملا وأداء وسلوكا. وهناك من يتهم جهات الاختصاص المعنية بموضوع التمويل، الرسمية والأهلية، بشيء من التقصير، ولذا بقي الباب مفتوحا لممارسة اجتهادات ومبادرات ينتهي أغلبها في خانة لا تخدم المبادرة «entrepreneur» في شيء.

اليوم أطرح من جديد بعض الاستنتاجات ألخصها في المحاور التالية:

أولا: هناك قدر من الحق مع المبادرين، في كثير مما يشتكون منه، فلا يملك أحد ادعاء الكمال فيما يقول ويفعل. وهناك ارتفاع في تكلفة رأس المال لمشاريعهم نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة وصعوبة الحصول على التمويل بسبب نقص الضمانات. فمشروع تجاري أو خدمي وأستثني الصناعي تكلفته 500 ألف ريال، ومعظم المنشآت التمويلية يتراوح تمويلها ما بين 150 ألفا و200 فكيف بالمبادر يبدأ عمله الخاص؟ أما المرأة في بلادي فتضاعف الضمانات المالية على تمويلها لحماية القرض ومعاناة الإجراءات الحكومية.

ثانيا: في تقديري المتواضع، أن المبادر يبحث عن واحة الربح، وتجنب شفير الخسارة، وهذا حق شرعي ومنطقي لذلك يحتاج دعما كبيرا من الغرف التجارية والمنشآت التمويلية بتخفيض رسوم إصدار رخص المنشآت المتنوعة وتقديم خدمات الرخص في الهيئة العامة للاستثمار السعودي مجانا لفترة زمنية بجميع المزايا والحوافز والضمانات حسب الأنظمة والتعليمات. ويجب أن تقدم هذه الهيئة الدعم مجانا لمدة عامين للشباب وشابات الأعمال. وكذلك يجب توحيد جهود الحاضنات والغرف التجارية والجامعات والجمعيات، وإيجاد دور جديد لهم في عالم جديد متغير يخط ملامحه جيل جديد من الشباب.

ثالثا: يستوي مع ما سبق القول إن شبابنا لا يملكون المقومات والحيثيات التي يتطلبها العمل الحر؛ لأنهم غير مؤهلين. وأزعم أن في هذا القول قدرا من الجور، فمجلة «فوربس» لعام 2011: نشرت أن السعودية تتصدر قائمة أثرياء العرب، أليس بعض المليارديرات من شبابنا؟

رابعا: لقد أضحيت الآن أكثر اقتناعا بأننا في حاجة إلى هيئة عليا في بلادي، تهتم وتشرف وتتابع المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتتكون من شباب وشابات الأعمال ومن أصحاب الأعمال ويشرف على الهيئة مجلس الغرف السعودية حتى يتسنى للجميع الاستفادة منها.

فالمبادر في العمل الحر يمثل دورا اقتصاديا لأي بلد، ويستقطب عددا لا بأس به ممن لم يتلقوا التعليم الكافي للعمل في المنشآت الكبيرة، كما أن له دورا اجتماعيا واقتصاديا، ومن دون تلك الهيئة - عدة وآلية ومضمونا - ستظل (المشاريع الصغيرة والمتوسطة) معلقة على شماعة الاتهامات والاعتذارات والإسقاطات.. بلا حل. ولعل من الملائم أن أختم حديثي اليوم باقتطاف أجزاء من مداخلة رصينة، قارن فيها الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي بين مساهمة المؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم في منطقة اليورو بنحو 99.8%من إجمالي منشآت الأعمال ومساهمتها بـ60%من القيمة المضافة و70% من التوظيف، وبين نظيراتها في المملكة، التي رأى أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة، حيث بلغ نصيب إجمالي ناتج القطاع الخاص - وهي جزء منه - 33%، في حين ساهمت المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي في دول أخرى بنسبة 57%. أليست هذه الأرقام كافية بأن تجعلنا نطالب بهيئة تتحد تحتها كل جهود المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟

* عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة