كيف سيبدو النصب التذكاري لحرب العراق؟

TT

عثرت بين أوراقي مؤخرا على افتتاحية عتيقة لـ«واشنطن بوست»، تتحدث عن الجنود الأميركيين الذين سقطوا في حروب غير منتهية في الخارج، وقالت المقالة: «إذا كانت هناك أي وسيلة كريمة للعودة متاحة أمامنا، لكان علينا الاستفادة منها نظرا لأن حقائق الموقف كانت واضحة أمامنا، ولكن نظرا لعدم وجود وسيلة للنجاة، واصلنا القتال وكان وجودنا هناك مكلفا في النفس والمال».

هكذا كتب محررو «واشنطن بوست»، لا بشأن حرب العراق أو أفغانستان أو حتى فيتنام، بل بشأن الاحتلال الأميركي للفلبين قبل أكثر من قرن. وعندما نشرت الافتتاحية في عام 1906 كانت الولايات المتحدة قد أمضت ثماني سنوات على إعلانها الانتصار على إسبانيا في حرب عام 1898. وفي النهاية كانت المحصلة 5,000 جندي أميركي (وما لا يقل عن 250,000 فلبيني) في حملة طويلة ووحشية لسحق التمرد.

لم يقم نصب تذكاري لمن سقطوا في الحرب الأميركية - الإسبانية، وربما لا يكون هناك واحد أيضا لمن سقطوا في حرب العراق وأفغانستان، إذ يحظر قانون النصب التذكارية الذي سن عام 1986 إقامة أي نصب تذكارية إلا بعد مرور عشر سنوات من انتهاء الحرب. وما دامت قواتنا لا تزال هناك وعرضة لتهديد الحرب فهل ستكون هناك نهاية رسمية للحروب في أفغانستان والعراق؟.

وحتى وإن عادت القوات إلى الولايات المتحدة في يوم من الأيام، كما هو الحال مع القوات التي يتوقع أن تغادر العراق بنهاية العام الجاري، هل سينظر إلى تدخلنا على أنه جزء من حرب عالمية متواصلة وأكثر ضخامة على الإرهاب؟ لقد ابتعدت إدارة أوباما كلية عن استخدام هذا المصطلح، لكنها لم تبتعد كلية عن المنطق وراءه. إذا كانت هاتان الحربان مجرد عمليات في حملة عسكرية مطولة ضد قوى الإرهاب، فربما لا يكون هناك نصب تذكاري على الإطلاق في واشنطن. والمثير للسخرية أن حالة الحرب الدائمة هذه يمكن أن تعني حظرا دائما على إقامة أي نصب تذكاري جديد للحرب.

كان آخر نصب تذكاري في واشنطن هو النصب التذكاري للحرب العالمية الثانية والذي انتهى بالكاد بعد عام من غزو العراق، يستحضر حالة من الوضوح الشديد، فهي تبعث إلى الداخل رسالة بالنصر المطلق الواضح والمستحق إلى حد بعيد. وتحيي نقوشه الحملة العظيمة للأمة وعظمتها المستحقة وتدمير الأعداء، وكما نقل على لسان الجنرال جورج مارشال في الركن الشمالي من النصب: «سيظل علمنا خفاقا في العالم أجمع كرمز للحرية من ناحية والقوة المفرطة من ناحية أخرى».

هذا النصب التذكاري الضخم ليس ابتهاجا بالتفوق الأميركي في الحرب المتكافئة العتيقة الطراز بين الدول، بل إن الإهداء الضخم في مدخله للرئيس بوش هو ذكرى محزنة بأمل حقبة بوش في أن تتمكن القوة المفرطة من القضاء على الإرهاب ونشر الديمقراطية على الشواطئ البعيدة. وبطبيعة الحال لم تسر الحروب في أفغانستان والعراق على نفس نسق سيناريو الحنين للحرب العالمية الثانية، بل إلى النموذج غير المتكافئ من التمرد الفلبيني.

* خدمة «واشنطن بوست»