لنقلد مؤسس «فيس بوك» في عادته!

TT

أعلن الملياردير الأميركي الشاب مؤسس موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي عن تحديه الجديد لهذا العام، وهو قراره بألا يتناول سوى لحوم الحيوانات التي يصطادها أو يذبحها بنفسه. وقال مارك زاكربرغ «لقد بت أتناول طعاما صحيا، وتعلمت الكثير عن الزراعة المستدامة وتربية الحيوانات». وليس هذا هو التحدي أو الهدف الأول، بل كان لديه تحد آخر عام 2010، وهو تعلم اللغة الصينية التي عكف على تعلمها، رغم مشاغله الكثيرة.

هناك الكثير من الناس حول العالم الذين يضعون تحديا يرغبون في تحقيقه ليحققوا من خلاله ذاتهم أو لينجزوا هدفا حياتيا مهما بالنسبة إليهم، أو لأنهم يرغبون في التخلص من مشكلة تعليق تأخر إنجازاتهم على شماعة الأعذار. وما شهر رمضان، وإن كان هدفه العبادة، إلا أحد الأمثلة العملية على هذه التحديات السنوية، فهو دليل على أن الإنسان يستطيع أن يمتنع عن الطعام طوال ساعات النهار ويمارس في الوقت نفسه حياته بصورة اعتيادية.

ومن التحديات الشهيرة ما أعلنه شاب بدين أمام وسائل الإعلام الأميركية بأنه يعكف على تناول شطائر سلسلة مطاعم «Subway» الشهيرة، ويواظب على برنامج للمشي، فانخفض وزنه إلى نحو 82 كيلوغراما بعدما كان يزن 193 كيلو! وعين ناطقا رسميا للشركة وقاد أشهر حملة إعلامية ناجحة في تاريخها وهو يحمل بنطاله الواسع. والمذيعة الأميركية الأشهر في العالم أوبرا وينفري، وضعت تحديا وهو أن تخوض تجربة الجري في ماراثون عام قبل بلوغها سن الأربعين، فنجحت وصارت مثالا يحتذى لملايين الناس. كما نجحت مجموعة من اللبنانيين في تحقيق تحديهم بدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية بأكبر طبق حمص في العالم، ليطيحوا بالرقم القياسي الذي سجلته قرية إسرائيلية، وهي محاولة إعلامية ذكية لرفع اسم بلادهم. وأولئك الخليجيون الذين تسلقوا أعلى قمم الجبال في العالم ولوحوا بأعلام بلادهم.

أحد الأصدقاء يخبرني بأنه ما إن يشعر بضعفه أو تخوفه من الإقدام على عمل معين، فإنه يحوله إلى تحد لهذا العام، على غرار ما يفعله مؤسس موقع «فيس بوك». فقد كان صديقي هذا يعاني من «فوبيا» الخوف من المرتفعات الشاهقة، فجلس يدرب نفسه حتى نجح في القفز من طائرة بمظلة، ومارس لعبة القفز من علو بلعبة «البنجي جنبينغ». وآخر عكف على التدرب على الطيران لما يربو على العام فنجح في الإقلاع بطائرة صغيرة منفردا.

والهدف المرجو من التحدي ليس بالضرورة أن يكون مهما جدا، بل قد يكون أمرا ترفيهيا أو نفسيا، مثل تعلم رياضة جديدة كل عام، أو المواظبة على الحضور إلى النادي الرياضي بانتظام، أو كسر رهبة التحدث أمام الناس بالمران، أو توفير نسبة محددة من الراتب الشهري، أو الإقلاع عن التدخين أو الغيبة أو القول الفاحش، أو تعلم الطباعة وتوديع الكتابة اليدوية وغيرها.

وحبذا لو حقق أحد هذه التحديات هدفا من أهداف الحياة المهمة، مثل تعلم لغة أجنبية مهمة، أو نيل شهادة مهنية رفيعة، أو تحقيق نسبة ربح معينة، أو تأليف كتاب أو نشر سلسلة مقالات مهمة، أو تحقيق إنجاز يشار إليه بالبنان في العمل، أو المواظبة على الصلاة في أوقاتها وهكذا.

إن وضع تحد سنوي أو شهري لا يعني أن يكون ذلك على حساب أولوياتنا المهمة في الحياة، ولنا في مؤسس موقع «فيس بوك» خير مثال، والذي بنى إمبراطورية مالية عبر موقعه، وما زال يضع تحديات سنويا وينجزها، ولم يؤثر ذلك على أهدافه الرئيسية.

ولا ننسى أن إنجاز التحدي يولد لدينا شعورا غامرا بالسعادة ويمدنا بثقة كبيرة في النفس تعيننا على تحقيق سائر أهدافنا وطموحاتنا.

[email protected]