غضب لا جمعة له

TT

قرأت مقابلة مفزعة ومحزنة ومروعة مع شقيق الكاتب، نائب رئيس تحرير «الأهرام»، رضا هلال. يقول الشقيق إن معه كتابا من الأمن عن أن رضا هلال، أحد مفكري مصر، أدخل إلى مستشفى العباسية، وبعدها ضاعت آثاره. من حمل رجلا في عقل رضا هلال إلى العباسية، كما كان يفعل ستالين بالمثقفين المعارضين؟ وهل يمكن لرجل مثل رضا هلال أن يختفي في بلد مثل مصر حيث كان الأمن شبه مغلق؟ هل يذوب من دون أن يمر بملف من ملفات أمن الدولة التي أحرق بعضها ونجا الكثير منها؟

أحب أن أطرح سؤالا، أقسم على براءته، وربما على سذاجته، على حكومة الثورة والمجلس العسكري ومجلس القضاء الأعلى: أيهما أكثر أهمية إنسانيا، أن تعرف الدولة رقم حساب آخر لجمال مبارك في جزر البهاما، أم أن تقول للمصريين ماذا حدث لكاتب في «الأهرام»، وكيف اختفى وزير خارجية ليبيا السابق منصور الكيخيا وسواه من معارضي الجماهيرية العظمى، وبينهم والد الروائي هشام مطر، الذي يبدو أنه سيكرس عمله لفضح خروج هذه الدولة العربية على القانون والبداهات البشرية؟

يريد أهل رضا هلال أن يعرفوا إن كان عليهم أن يكفوا عن الانتظار. هذا ما يريده أيضا أهل السيد موسى الصدر الذي دعي إلى حضور احتفالات الفاتح العظيم ولم يعد. على الثورات الآتية باسم الحرية والديمقراطية، والتي كان أول ما فعلته إطلاق عبود الزمر، أن تبدأ من حيث يجب. أن تبدأ بالتأكيد على أن رؤيتها للإنسان العربي لا تختلف عن نظرة قاضية أميركية إلى خادمة أفريقية اعتدى عليها صاحب أرفع منصب مالي في العالم.

ماذا فعلت نقابة الصحافة في مصر، قبل وبعد، في قضية رضا هلال؟ وماذا فعل وزير الثقافة طوال 22 عاما، الدكتور فاروق حسني، وهو يرشح نفسه لرئاسة اليونيسكو، وخلفه في الصورة رسم رضا هلال، وقد كتب فوقه «مفقود» في قلب القاهرة. بل ربما هو مفقود بين مرضى العباسية، وقد اقتيد قسرا إلى العالم الجديد الذي اختير له، جزاء مغامراته الفكرية وجرأته الإنسانية، وتلك المقدمة الممتعة في التعبير عنهما.