من العقل والقلب والأنف يغنون!

TT

حين تسمع الصوت الجميل تقول: الله.. يعني: سبحان الله الذي خلق هذا الصوت الجميل.. أو: الله يعطيك العافية لكي تسعدنا أكثر وأكثر..

وأحيانا تقول بغضب: الله.. أي: الله يأخذ الصوت وصاحب الصوت!

هناك أصوات تخرج من العقل.. أي: أصوات منضبطة.. على القاعدة.. فهي مادة لدراسة العلماء والباحثين.. لأنها هندسية واضحة الأرقام والزوايا والخطوط.

وهناك أصوات تخرج من القلب: حارة مندفعة الأسى والحزن والبهجة.. تشعر بأن المطرب يعاني لواعج الحب والبعد.. فهو حزين ينقل إليك بصوته وبسرعة كل ما في أعماقه، ويصل إلى أعماقك..

وهناك أصوات تخرج من الحنجرة.. فالمطرب يقوم بتسليك القصبة الهوائية.. ويكون لصوته مذاق التراب ووقع الحجارة، لأن الصوت محشور مخنوق.. وهذا يضايقك.. لأنك تريد أن تنساب مع الصوت السهل المنطلق.. ولكن الصوت يخذلك فيتوقف بك عند الحلق..

وهناك أصوات تخرج من الأنف.. وتجد المطرب لكثرة الغناء قد طال أنفه.. ولكن الأنف أضيق من الحنجرة.. ولذلك، فإن المطرب (أخنف).. ويحاول أن يشغلك عن مصدر الصوت وحجمه بأن يقفز على المسرح أو ينشر ذراعيه.. ويستجدي الناس أن ينسوا مصدر هذا الصوت!!

وهناك أصوات تجيء مع الاستعراض الفني.. فالمطرب يهتز.. إنه يحتمي في الموسيقى.. ويجيء الصوت مع الموسيقى فلا يعرف أين هذا الصوت؟ وأين هي أنغامه الموسيقية؟ كل الموسيقى الحديثة راقصة.. فالذي يريد أن يسمع فقط لا يستطيع.. وإنما لكي يسمع لا بد أن يقفز كالقرد.. أو «يتنطط» كالدببة.. فمن غير رقص لا غناء.. ومن غير غناء لا رقص.. وليس في استطاعة أحد أن يقول: الله.. لأنه مشغول بتحريك رجليه ووسطه ورأسه.. وأنه في حفلة «زار» إيقاعية!

هل نستطيع أن نفرض الغناء بالقوة؟.. ممكن بعض الوقت.. وسوف يستمع الناس لكي يعرفوا.. وينتظروا أن تظهر موهبة من هذا الصوت.. فإذا لم تظهر الموهبة انصرفوا عنها.. ولكن الموهبة ليست في حاجة إلى فلوس لكي نعرضها على الناس.. ولكن الموهبة إذا عرفناها يجب أن نفتح لها الأبواب والنوافذ!