هل كلمة (آمين) تزعل؟!

TT

جلست مع رجل فاضل أخذ يشكو لي مر الشكوى من ابنه العاق، وكيف أنه وضعه في إحراجات لا أول لها ولا آخر، وهو اليوم يكاد يدمر حياته بتصرفاته الهوجاء التي ليس فيها أي احترام له كأب.

وبحكم أنني أقدر الرجل وأريد أن أحظى بقبوله فقد كنت مصغيا له ومتفاعلا معه، ومظهرا تأثري وأسفي وتعاطفي البالغ معه، وبين كل جملة يقولها وأخرى، كنت أرد عليه قائلا: والله ما تستاهل.

وبعد أن أسرف في الكلام والشكوى، اعتدل في جلسته ثم رفع كفيه للسماء وأخذ يدعو على ابنه قائلا: اللهم دمر حياته مثلما دمر حياتي.

ورغبة مني في رضائه فعلت مثلما يفعل ورفعت كفي للسماء وأخذت أردد خلفه بصوت مرتفع قائلا: آمين، آمين.

وتفاجأت به يتوقف ولم يكمل دعاءه، والتفت نحوي ينهرني قائلا: من أمرك أن تردد ورائي: آمين؟!، إيه اللي (لقفك) وتتدخل بيني وبين ابني؟!، صحيح أنك ما تستحي.

ساعتها انعقد لساني ولم أدر كيف أجيبه (!!)، فقام من مكانه غاضبا وتركني أضرب (أخماسا بأسداس)، فهل كلمة (آمين) تزعل إلى هذه الدرجة يا ناس؟!، فبدلا من أن يشكرني ويحب خشمي، إذا به يصرخ بوجهي قائلا: ما تستحي (!!)، صدق من قال: (خير تفعل، شر تلقى).

***

طفشت من رجل (إحصاء واقتصاد) كلما سألته واستعلمت منه عن أمر ومسألة، أخذ يجيبني عليها، وغالبا ما كان ينهي كلامه بالجملة التالية: فهي (في المتوسط) كذا وكذا.

فلما ضقت به ذرعا ما كان مني إلا أن أسأله: طيب لو أن قدمك اليمنى كانت على موقد ساخن يغلي، وقدمك اليسرى داخل ثلاجة متجمدة، فهل أنت في هذه الحالة تكون (في المتوسط) مرتاحا؟!

بهت من سؤالي، أو بمعنى أصح استسخف سؤالي، لهذا لم يجبني، وإنما رفع كلتا يديه حول أذنيه وأخذ يهزهما، علامة على أنني مجنون.

***

لا أظن أن هناك أكثر تطرفا وزندقة من قول (أبي نواس):

وكنت من جند إبليس فارتقى

بي الحال حتى صار إبليس من جندي

كما أنه ليس هناك أبلغ من اعترافه وطلبه للغفران من قوله:

أنا خاطئ، أنا مذنب، أنا عاصي

هو راحم، هو غافر، هو كافي

قابلتهن ثلاثة بثلاثة

وستغلبن أوصافه أوصافي

[email protected]