كل (كيلوغرام) من الشحم بمليون ريال

TT

ظاهرة البدانة والسمنة أصبحت من أمراض العصر المقلقة لشريحة كبيرة من الناس، وعلى أثر تلك الظاهرة والمشكلة برزت وسائل تجارية محضة للتصدي لها، وانطبق عليها قول ابي الطيب: (مصائب قوم عند قوم فوائد).

وأعرف رجلا مصابا بداء السمنة هو وزوجته وابنته ذات العشرة أعوام، ذهبوا جميعا إلى مصح متخصص في هذا المجال بإسبانيا، ومكثوا فيه لمدة شهر كامل على أمل الاستفادة، وهو يقول لي:

الله لا يبارك فيه من علاج، لقد كنا نعيش تقريبا على السوائل، إلى درجة أنني من شدة الجوع كنت أسرق نفسي أحيانا للتجول في حديقة المصح وأأكل من أوراق الشجر دون تمييز، فما نابني في أحد الأيام إلا أن أصاب بما يشبه التسمم، فاضطروا إلى إجراء غسل معدة سريع لي، بعد أن اكتشفوا الفعل الذي فعلته، وغرموني من أجل ذلك مبلغا كبيرا لأنني أخللت بشروط وأنظمة المصح، وكدت أن «أودي بنفسي إلى التهلكة»؛ على حد قولهم.

ولا أنسى تأثر ابنتي عندما وزنوها قبل أن نخرج ووجدوا أنها لم تنقص ولا حتى نصف كيلو، عندما قالت لي وهي غاضبة تكاد أن تبكي: إنه لا شيء يجعل الدم يغلي في عروقي يا بابا أكثر من رؤيتي لزميلاتي (المعصعصات) في المدرسة، اللاتي يأكلن بشراهة كل شيء أمامهن، ومع ذلك لا يسمن.. أكيد في بطونهن (دود).

وكنت أنا كذلك مثل ابنتي لم أزد ولم أنقص، والوحيدة بيننا التي تغير وزنها هي زوجتي، وذلك عندما زاد وزنها سبعة كيلوغرام.

انتهى كلام الرجل، ويبدو لي أن القضية عند تلك العائلة ما هي إلا خلل (بالهرمونات)؛ فكثرة الأكل ليست هي دائما المقياس، ويخطئ بعض الناس عندما يضربون المثل بالإنسان المقل بالأكل ويصفونه بأنه يأكل كالعصفور، ولا يدرون أن ذلك الطائر يأكل في اليوم الواحد ما يعادل أكثر من نصف وزنه، وقد لوحظ أن أحد العصافير قد التهم مائة حبة من دوار الشمس خلال 25 دقيقة فقط.

وهناك طبيب حاذق تخصص في (ربط المعدة)، وقد فتح الله عليه من كثرة الزبائن، ولاحظت عليه عندما ألتقيه في بعض المناسبات أنه أول ما ينظر لمن يسلم عليهم، وأول ما تقع عليه عينه، (كروشهم) - أي على بطونهم - وعندما أبديت له ملاحظتي تلك، وافقني عليها وهو يضحك قائلا: «آهو أكل عيش»، ولكن ماذا تريدني أن أنظر إليه.. هل أنظر إلى مؤخراتهم مثلا؟!

وذكر لي أن (مليارديرا) كان وزنه لا يقل عن 150 كيلوغرام، بذل المستحيل بكل الطرق كي ينزل وزنه، دون جدوى، واتصل بي، وذهبت إلى قصره، وقال لي: إنني أريدك أن تربط معدتي، ولو أنك بطريقتك استطعت أن تنزل وزني إلى 80 كيلوغرام، فلك مني مليون ريال عن كل كيلو ينزل؛ على شرط أن أحافظ على وزني الجديد لمدة سنة كاملة دون أي زيادة. ولم أوافقه على شرطه الأخير.

وعندما سألت الطبيب: لماذا يا مجنون؟!

قال: لأنني لست بضامن أن وزنه لن يرتفع خلال أشهر قليلة، ثم إنه رجل نافذ؛ فقد يصب جام غضبه علي في ما بعد ولا يعطيني أي شيء، وفوق ذلك قد يأمر بإغلاق عيادتي التي أسترزق منها، فأنا رجل قنوع يكفيني في الشهر عشر أو خمس عشرة (معدة)، والحمد لله رب العالمين.

ومع احترامي لذلك الطبيب، إلا أنه (خرّاط) - أي شبه كذاب - خصوصا بحكاية (ملايين) الملياردير.. والله أعلم.

[email protected]