الطبيب واللغة

TT

ذكرت شيئا من مشكلات قراءة وصفات الأطباء وما قاله فيها الدكتور أندريه سوبيران. بيد أن مشكلات لغوية أخرى كثيرا ما تنتاب عملهم. يعطينا هذا الطبيب الفرنسي الظريف نماذج عجيبة منها، لفت نظري فيها حكايته مع أحد المتهمين بجريمة قتل. قال:

«دخل أحد زبائني السجن لأنه قتل عاملا من عمال البناء بجوار بيته بما سبب له الكثير من الإزعاج، لا سيما أن هذا الزبون كان قد رزق بتوأمين. فلما سألني عن العامل الطبي الذي أدى إلى ذلك، ذكرت له، دون أن أقدر النتائج الوخيمة التي تترتب على كلماتي، فقلت هناك عاملان في الأساس.. ولم يدعني أكمل كلماتي. خرج مهرولا على الفور وقتل عاملا مسكينا آخر كان يعمل في حفر أساس لإحدى البنايات المجاورة لمنزله. لقد أخذ كلامي على عواهنه، ففسر كلمة العامل التي كنت أعني بها العامل الطبي المؤدي لولادة طفلين، بالعامل اليدوي الآخر الذي كان يشتغل في البناء».

وفي أحد المستشفيات الإنجليزية، لاحظ مدير المستشفى أن الجنايني لحدائق المستشفى كان يأتي إليه ويطلب السماح له بالغياب في ذلك اليوم بحجة أن زوجته عندها ولادة. استغرب من تكرر ذلك ثلاث مرات في شهر واحد. فسأله الدكتور، كيف زوجتك تلد ثلاث مرات في الشهر الواحد؟

«كلا يا دكتور. زوجتي أصلها تشتغل قابلة. وعندما تذهب لولادة يكون علي أن أرعى أطفالنا في البيت».

يعاني معظم الأطباء من الناس الذين يلتقون بهم في الحفلات. فعندما يكتشفون أنه طبيب يبدأون بطرح مشكلاتهم الطبية عليه ويسألونه عن علاج لها وما إذا كان طبيبهم قد أخطأ في التشخيص، وهكذا. التقى أحدهم بمحام في إحدى هذه الحفلات. فسأله ما إذا كان هو الآخر يعاني من هذه المشكلة فيسأله الناس عن مشكلاتهم القانونية. سأله كيف يتخلص منهم؟ قال: الحل بسيط. أجيبهم على السؤال ثم أبعث لهم في اليوم التالي بفاتورتي عن الاستشارة القانونية 50 جنيها. وهكذا لن يعودوا لسؤالي وإزعاجي. قال له الطبيب، هذا حل معقول. سأحاول أنا أيضا تطبيقه.

وفي اليوم التالي تسلم الطبيب فاتورة من صديقه المحامي بخمسين جنيها عن استشارة قانونية.

الحقيقة أنني أيضا سألت صديقا طبيبا في الموضوع قلت له كيف تتخلص من هذه الإزعاجات. قال أكثرها تأتي من النساء. لا تكتشف إحداهن مهنتي حتى تبدأ باستشارتي عن مشكلتها الصحية. تمسك بخصرها وتقول: دكتور هنا أشعر بوجع كل ليلة، أو تشير إلى بطنها وتلقي سؤالا آخر. «طيب. كيف تتخلص منها؟».

«عندي أحسن مخلص. أقول لها انزعي لباسك وخليني أفحصك!» لا أقول ذلك حتى تهرب من وجهي وتلوذ وراء زوجها.

وهذه فكرة. فأنا أيضا أعاني من كل من ألتقي بهم فيسألونني كصحافي عن مستقبل العراق أو حل مشكلة فلسطين وهات ما عندك. وهي دون شك مشكلات أعوص من وجع البطن. فهل يحق لي أن أبعث لهم بفاتورة عن استشارتي؟