الكويت

TT

خرجت الصراعات السياسية الدائرة في الكويت منذ زمن إلى العلن، من خلال تصريحات ومقابلات لبعض الشيوخ البارزين. وقد أصبح معروفا أن بعض وجوه مجلس الأمة، أو بالأحرى بعض الأصوات، يعبرون عن خبايا هذا التنازع. وليست هذه المرة الأولى في سياسات الكويت أو في سياسات أي دولة في العالم. لكن الخلافات في الماضي كانت تضبطها وسائل الماضي، أي محدودية الوسائل الإعلامية، وقلة الصحف، والتزام الصحافيين بضوابط المصلحة العامة، والأهم كان حرص المختلفين على إعلاء مصلحة الدولة؛ فيرتضون الأحكام والتحكيم، ولو بغير طيب خاطر. وقد خرج بعض الكبار منهم إلى عزلة طوعية من دون الخروج من إطار الخدمة العامة.

في المرحلة الحالية خرجت التجاذبات من أي إطار معروف. وتغذي الصحافة والفضائيات منابر مجلس الأمة بعناصر ومكونات التفجر، وما بدأ في الكويت مزاحا ودعايات ونكايات صغيرة تحول إلى مناخ شبه عام، ولم يعد معروفا من يقلد من في اتباع القسوة والفجاجة والتشهير في بلد يعرف أهله بعضهم بعضا بالاسم والكنية.

يسيء كل ذلك في النهاية إلى الدولة نفسها، ويهدم خطوط الدفاع الداخلي، وتنعكس خلافات أهل الحكومة وصراعات البرلمان وتهتك الإعلام، شقوقا وشرخا في بنية الدولة والمجتمع، وقد قطعت هذه شوطا خطرا. والذين يعرفون مدى أهمية الكويت كتجربة قومية وداخلية، كانوا يحذرون من أن العراك بالألسن يتحول دائما إلى عراك بالأيدي، والعراك بالأيدي ينزلق إلى عراك بالهراوات الغليظة. وعندها يدرك الجميع أن التساهل والاستهتار والضحك لصناعة السب والكيد، تكشف البلد أمام أخطار لا مزاح فيها ولا دواوين تصدها.

سألت السياسي المستقيل من أجواء مجلس الأمة، الأستاذ محمد الصقر، إذا ما كان خائفا، فقال: «لست خائفا، لكنني قلق وممتعض». ورأى أن كل فريق عبر خطوطه الحمراء؛ المجلس والإعلام والسياسيين، ويرى أن بروز هذا النوع من الأزمات في هذا الزمن العربي السريع العطب، يعود به إلى زمن كان فيه الكويتيون يعيشون همّا واحدا: «حصانة البلد».