أيام عمر بن عبد العزيز!

TT

كان أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحيما حكيما.. فكان يكره القسوة على الحيوان أيضا.. وكان يأمر بأن لا يكون اللجام خانقا للحصان.. وأن لا يضرب بعصا تكون في أسفلها كرة من الحديد..

وقد فوجئ عمر بن عبد العزيز يوما بأن سلة من الرطب قد جاءته من الشام.

فسأل كيف جاءت؟

قالوا على ظهر الحصان الذي ينقل البريد.. أي حصان الحكومة..

فرفض أن يأكل الرطب وأمر ببيعه وأن يشترى بثمنه علف للحصان!

وفوجئ عمر بن عبد العزيز بعودة سلة البلح إليه فقد اشتراها أحد أبنائه ثم بعث بها إلى والده.. فقال: الآن أستطيع أن أأكل!!

وفي يوم علم عمر بن عبد العزيز أن المصريين يضعون أحمالا تزيد على ألف رطل على ظهور الخيول والجمال.. فبعث إلى الوالي العربي على مصر بأن لا تزيد الأحمال على ستمائة رطل!

ولم يحدث ذلك في أي بلد عربي.. فالمصريون فقط هم الذين يضعون الأحمال الثقيلة التي تنوء بها الدواب!

وهو ما نفعله حتى الآن في المصاعد والأتوبيسات.. ففي المصعد مكتوب بوضوح أن الحمولة لا تزيد على خمسة أو عشرة أشخاص ونكون نحن أضعاف هذا العدد!

وكلنا يعرف القراءة ثم نشكو من أعطال المصاعد في البيت والمؤسسات: انعدام الصيانة.. ونحن غير قادرين على صيانة المصاعد لأننا نرهقها بالاستخدام السيئ.. تماما كما نرهق الخيول في عربات الكارو والحنطور..

ونحن أيضا لا نعرف كيف نعمل.. فمن المؤكد أننا نتردد على أماكن العمل بانتظام.. ولكن ليس من الضروري أن نعمل وإنما نحن نوجد ونحرص على ذلك.. ولكن ساعات الإنتاج قليلة.. ولأننا لا نعرف كيف نعمل.. فنحن أيضا لا نعرف كيف نستريح..

فالمصاعد كالخيول لها قدرة ولها عمر.. ولذلك «تشيخ» المصاعد والخيول.

ونحن «نشيخ» قبل الأوان بسبب هذه اللامبالاة والجهل وغريزة التدمير والتخريب وقتل الحياة..

فلم نتغير كثيرا منذ أيام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه..