«الربيع الاستثماري» هل يحدث ثورة في قرارات مجالس إدارة الشركات الغربية؟

TT

أعطى الربيع العربي جوزيف دبليو أودونيل فكرة جديدة خاصة باستثماراته. فكر أودونيل، الرئيس التنفيذي المتقاعد لشركة «جاي ولتر ثومبسون» وهو رجل يختار أسهمه بعناية، أنه إذا كان «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما من وسائل الإعلام الاجتماعية قد استطاعت مساعدة المواطنين المضطهدين داخل تونس ومصر في التجمع من أجل إحداث تغيير، فإنها قد تساعد أيضا المستثمرين الأفراد المحرومين. وكما تعلم فإن هناك أفرادا يمتلكون أسهما في شركات مطروحة للتداول العلني، ولكن نادرا ما يكون لهم رأي في طريقة إدارة هذه الشركات.

وجد أودونيل مجموعة من الأفراد المتشابهين في طريقة التفكير على موقع (InvestorVillage) الإلكتروني. ويمتلكون جميعا أسهما في مؤسسة «سلجين»، وهي شركة مستحضرات دوائية حيوية مقرها داخل مدينة سمت بولاية نيوجرسي، وكان جميعهم يشعرون بالضيق من المدفوعات الكبيرة التي يستفيد منها مسؤولون تنفيذيون لدى المؤسسة، التي ارتفع سعر سهمها بنسبة قليلة على مدار الأعوام الخمسة الماضية.

كان يتم تداول أسعار «سلجين» مقابل نحو 59 دولارا يوم الجمعة الثالث من يونيو (حزيران) الماضي - وهو تقريبا نفس ما كانت عليه في نهاية 2006. وبالطبع كان هناك الكثير من الارتفاعات والانخفاضات خلال هذه المدة، حيث إنها أسهمت في مجال المستحضرات الدوائية. ولكن كانت الارتفاعات محدودة بالنسبة لحملة الأسهم الذين بقوا خلال الفترة. ويمتلك أودونيل أسهما لدى «سلجين» منذ نحو ستة أعوام. وسارع بالإشارة إلى أن الشركة إدارتها جيدة، وتتمتع بأداء عمليات رائع وتعد بالكثير. ولكنه يقول: «ظهر مقدار كبير من الإحباط بسبب غياب عوائد حملة الأسهم بالمقارنة مع حزم مدفوعات الإدارة. وقد بقي سعر الأسهم على حاله، على الرغم من التميز التنفيذي. وفي نفس الوقت، حصل مسؤولون تنفيذيون بارزون على عوائد كبيرة».

وعلى الرغم من أن رواتب المسؤولين التنفيذيين داخل «سلجين» ظلت مستقرة في الفترة من 2007 حتى 2009، فإنها تحسنت بشكل كبير، وفقا لما تفيد به أوراق المؤسسة. وحصل أعلى أربعة مسؤولين تنفيذيين داخل الشركة على إجمالي 24.6 مليون دولار خلال 2010، بزيادة نسبتها 30 في المائة عن المبلغ المدفوع للمسؤولين التنفيذيين الأربعة الحاصلين على أعلى رواتب خلال العام الماضي. وبالمقارنة ارتفع سعر أسهم الشركة بمقدار 5 في المائة فقط خلال العام الماضي.

وتطرق أودونيل إلى قضية أخرى تهم الكثير من المستثمرين الأفراد، ولكن يشعر الكثيرون منهم أنه ليس في مقدروهم تغيير أي شيء فيها. نعم، يأتي الأفراد ليدلوا بأصواتهم في اجتماعات حملة الأسهم السنوية. ولكن تبدو هذه الأصوات مثل تمارين على العبث بالنسبة لمستثمرين، لأنه لا يجب على الشركات الانحناء أمام رغبات المستثمرين. وفيما اشترط تشريع «دود - فرانكلين» وقواعد تنظيمية أخرى العام الماضي من الشركات أن تطرح ممارسات الرواتب لتصويت استشاري من جانب حملة الأسهم مرة واحدة، على الأقل، كل ثلاثة أعوام، فكر أودونيل في أن عام 2011 قد يكون اللحظة المناسبة لحشد المستثمرين حول القضية. وينتظر ربيع استثماري، كما يقال، خلال اجتماع «سلجين» السنوي في 15 يونيو الحالي.

ومن خلال التواصل مع حملة الأسهم الزملاء، تمكن أودونيل من الضرب على وتر يهمهم سريعا. ووافق ديفيد سوبك، أستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة ولاية لويزيانا، على تطوير موقع إلكتروني (www.sobekanalytics.com/celgshareholders) من أجل جذب مستثمرين آخرين لا يشعرون بالرضا داخل «سلجين». ويقول سوبك: «رأيت أن هذه مشكلة تصرف جماعي. كيف يمكن تنظيم مجموعة من الأفراد لديهم مصالح مشتركة؟ قبل الإنترنت، كان تتبع حملة الأسهم الزملاء أمرا شبه مستحيل. ولكننا كنا قادرين على تجميع أنفسها بطريقة لم نحسب أنها ستكون ممكنة، وهذا انتصار في حد ذاته».

ومن أجل حماية المجموعة من سيطرة مزعجين، طلب المنظمون من المهتمين بالانضمام إليهم التورع عن «الهجمات العاطفية أو الموجهة بصورة شخصية» لأنها «ستقوض احتمالية النظر بجد في مخاوفنا من جانب المديرين أو المؤسسات أو كليهما». وبعد عدة أشهر من التواصل، قال أودونيل وسوبك إنهما جاءتهما التزامات من مستثمرين يملكون 2.7 مليون سهم. وتعهد هؤلاء المستثمرون بالتصويت ضد ممارسات الرواتب لدى «سلجين» وجميع المديرين الساعين للحصول على ولاية ثانية الموجودين في لجنة التعويضات التابعة لمجلس الإدارة. كما قالوا إنهم سيصوتون كي يلزموا الشركة بأن تطرح ممارسات التعويضات في تصويت لحملة الأسهم مرة في العام، بدلا من توصيات إدارية بجعلها مرة كل ثلاثة أعوام. ومع استحقاق قرابة 461 مليون سهم، صوت 2.6 مليون سهم ضد مقترحات الإدارة، ومن المؤكد أن أعضاء مجلس الإدارة سيفوزون. ويسيطر حملة أسهم مؤسساتيون على قرابة 90 في المائة من أسهم «سلجين»، وفي المعتاد يصوت هؤلاء المستثمرون مع الإدارة.

ولكن التصويت كتكتل ربما يكسب مجموعة المستثمرين الغاضبين قدرا أكبر من الاهتمام من جانب مجلس إدارة «سلجين» ومن جانب الإدارة. ويقول ممثلون عن المجموعة إنهم يريدون من مجلس إدارة «سلجين» إعادة النظر في ممارسات الرواتب وربطها بعوائد حملة الأسهم. ومن المخاوف الموجودة استخدام الشركة بصورة متزايدة للأسهم المقيدة على مدار العامين الماضيين، بدلا من منح الأسهم التي تكون مرتبطة بقدر أكبر مع سعر سهم مرتفع. ومن الأشياء المثيرة لقلق بعض المستثمرين حقيقة أن «سلجين» لديها خطة حقوق حملة أسهم، وهي وسيلة ضد الاستحواذ يراها حملة الأسهم ترسيخا للإدارة. وفي أوراقها، وصفت «سلجين» الإجراءات المالية التي يستخدمها مجلس إدارتها لتقييم أداء مسؤوليها التنفيذيين. وتضمنت هذه الإجراءات نموا في الأرباح لكل سهم وعوائد - على الرغم من أنه لا يتم حسابها باستخدام المبادئ المحاسبية المتعارف عليها. وتقول الشركة أيضا إنها تؤكد على النمو طويل الأجل في عوائد الأسهم.

وعند سؤاله عن مجموعة المستثمرين والأشياء التي تثير غضبها، رد براين غيل، وهو متحدث باسم «سلجين»، بأن أسهم الشركة كانت الأفضل أداء داخل القطاع على مدار الأعوام العشر الماضية. ويقول إن ممارسات الرواتب لدى الشركة حصلت على تقييمات جيدة من خدمات استشارية مؤسساتية.

ويقول غيل: «نشعر جميعا بالإحباط من شركة تستمر في تقديم هذه النتائج المالية العملياتية المميزة في القطاع ولكن في نفس الوقت تستمر في بيئة يؤثر فيها إصلاح الرعاية الصحية والقضايا التقشفية على التقييم». ومضى يقول: «نتعامل مع تعليقات كافة المستثمرين والتوصيات بصورة جدية».

ولن يكون معروفا نتيجة تصويت المستثمرين حتى 15 يونيو (حزيران) بالطبع، ومن المتوقع حضور الكثير من المستثمرين الذين انضموا للتصويت بخصوص أسهمهم في الاجتماع السنوي لـ«سلجين».

ويقول أودونيل: «يعد ذلك بمثابة اختبار نرى من خلاله إلى أي مدى يمكن أن يذهب هذا الأمر. وربما سيكون لدى بعض الأفراد بين صفوف المسؤولين التنفيذيين البارزين إحساس أكبر بالمستثمرين الأفراد. وسيكون من المثير أن كيف ستسير الأمور».

*خدمة «نيويورك تايمز»