«الحفرة اللبنانية» بعمق الجرح السوري

TT

اليوم، عرف السوريون من يقف معهم ومن يقف ضدهم، انكشفت لهم إيران، ومثلها حزب الله. لكن صدمة السوريين الكبرى اليوم هي من لبنان، وكثير من ساسته! خصوصا أن لبنان عرف ظلم النظام السوري وقسوته، الذي صادر قرار لبنان لعقود، وزرع بين اللبنانيين سلاح حزب الله الإيراني، كنتاج لمحور طهران - دمشق - بيروت، منذ الثورة الخمينية، فكيف يقف لبنان «الديمقراطي»، التواق للحرية، مع النظام السوري الذي يقمع شعبه بوحشية؟

لذا، فاليوم تأكد أننا أكثر عروبة من مدعيها في لبنان، بل وأصدق؛ لأننا نؤمن بأنه بإمكان العرب أن يكونوا أكثر رقيا، وتعليما، وحرية، ولا يستحقون قيادات طائفية، أو ساكني كهوف وجحور. ونؤمن بأن العرب ليسوا انتحاريين، بل متحضرون أصحاب رؤية، ودعاة سلام. بالطبع العرب ليسوا نبيه بري (رفسنجاني لبنان)، أو جنبلاط المتشقلب، وإن كنت أكن له مودة، لكنها تتعقد من كثرة تقلباته، جنبلاط الذي قال لجورج بوش الابن بعد أول انتخابات في العراق: «غريب بالنسبة لي أن أقولها، لكن عملية التغيير هذه (في المنطقة) تحدث لأن أميركا احتلت العراق، كنت متشككا حيال العراق، إلى أن رأيت 8 ملايين عراقي يدلون بأصواتهم قبل 3 أسابيع.. لقد كانت بداية جديدة للعالم العربي. السوريون والمصريون كلهم يقولون إن شيئا ما يتغير. لقد سقط جدار برلين.. نستطيع أن نرى ذلك»! فلماذا لم يرَ وليد بيك، وهو يعلق على تشكيل حكومة لبنان الجديدة، جدار الخوف وهو يسقط في دمشق؟ بل أين جنبلاط العروبي وبيروت تعيد الجنود السوريين الفارين للبنان إلى نظام الأسد؟

كتبت ذات يوم عن «الحفرة اللبنانية»، واليوم أقول: إنها بعمق الجرح السوري، وبشهادة اللبنانيين أنفسهم. فهاهو الصديق حازم صاغية يكتب في الشقيقة «الحياة» تعليقا على مواقف بعض حلفاء سوريا اللبنانيين، قائلا: «الحلفاء اللبنانيون هؤلاء مهنتهم الوساطة بين السيد وعبيده، يتسابقون على شاشات التلفزيون لإيصال رسالة السيد إلى العبيد وإقناع الآخرين بأن خير ما يسعون إليه هو البقاء عبيدا».

وليس صاغية وحده، فهاهو عباس بيضون يكتب متعجبا في صحيفة «السفير»: «من المستغرب أن نزايد في لبنان على السوريين في تأييد نظامهم وأن يكون لهذا النظام في لبنان هيبة أكبر مما له في سوريا.. هذا غريب، بل هذا مضحك ومزرٍ في الوقت نفسه»! وبالطبع، من الأشياء المزرية مؤخرا حكومة لبنان الجديدة، خصوصا أنها تشكل بهذه الطريقة في وقت تهب فيه الشعوب العربية، وبالأخص السوريون، بحثا عن الكرامة.

أكتب هذا وتربطني علاقة جيدة بالسيد نجيب ميقاتي، لكن هذا الفرق بيننا، نحن الحريصين على عروبة أوطاننا، وبين حفاري «الحفرة اللبنانية»، وأتباع نظام سوريا وإيران.. نحن حريصون على عروبتنا، وهم حريصون على طوائفهم، وشتان ما بيننا! ومثلما يفقد المرء أصدقاء في الحروب، فإننا خسرنا أصدقاء لبنانيين كثرا في معركة العقل والإنسانية، للأسف! صحيح أن لبنان جزء من ذائقتنا، لكنه أيضا جزء من كارثتنا الأخلاقية السياسة.

قد يقول البعض إن لبنان بلد صغير، لكن قديما قالت العرب: إن معظم النار من مستصغر الشرر!

[email protected]