محاولة في فك الاشتباك

TT

فعلا انطبق عليّ المثل القائل: يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك غير ريحتها. وهذا هو ما حصل لي تماما عندما تدخلت وحاولت فك الاشتباك والخلاف بين زوج غبي، وزوجة رعناء طويلة اللسان.

ولكنني دائما ما أبوء بالفشل والخسران، وأعود (مهزوما مكسور الوجدان)، فتنقلب (مثاليتي) دفعة واحدة إلى (سوقية وحونشية) ما أنزل الله بها من سلطان.

هذا التناقض المرير في حياتي هو الذي رسخ (القلق) في شخصيتي، والمشكلة أنني ورغم ذلك كله لم أتعلم، فما أكثر الجحور التي أدخلت يدي فيها ولدغت، وكررت ذلك لا مرة ولا اثنتين ولا عشرة ولا عشرين، إلى درجة أن يدي أصبحت ممتلئة بندوب اللدغات، وجسمي متحصن ومحتقن بالسموم.

وقبل أكثر من شهر هببت كعادتي للتدخل بين ذلك الزوج الغبي وزوجته الرعناء، أخذته هو أولا على جنب قائلا له: يا أبو فلان اتق الله في زوجتك، صحيح أن لسانها زفر، ولكنها مهما كان تظل أم عيالك، قال: ولكنها (معقدة) فهي كانت في بيت أهلها تسام سوء العذاب، غير أنها وما إن تزوجتني حتى استجمعت كل قواها وكأنها تريد أن تأخذ ثأرها من أهلها بتعذيبي، إنني منهار.

تركته وانتحيت بها هي على جنب قائلا لها: يا أم (علان)، فردت عليّ بوجه كشر قائلة: نعمين، قلت: الله يهديك، قالت: ربي هاديني قبل أن أراك، قلت لها: خففي الوطء على زوجك أبو فلان، قالت: ولِمَ هو لا يخفف الوطء عليّ؟!، هل تصدق أنه عندما يكون جالسا مع أمه وأخته يتكلمون ويتضاحكون وما إن أدخل عليهم حتى يصمتوا؟!، هل تصدق أن أمه بالأمس نامت على السرير ونادت علي قائلة: يلا يا بنت نظفي ضوافري أعمليلي (المانكير والبوديكير) لأنني مكسلة أروح (للكوافير)؟!، ودائما هذا (الزفت) الذي اسمه زوجي يعايرني بأهلي، صحيح أنني ذقت الأمرّين عندهم، ولكن أستحلفكم بالله خذوا بيدي لا تتركوني، فإن انحرمت من الأكل أكلوني، وإن انحرمت من اللبس لبسوني، وإن انحرمت من الصور صوروني، وإن انحرمت من اللعب لعبوني، وإن انحرمت من المكياج مكيجوني، وإن انحرمت من الفلوس أدوني، وإن انحرمت من الذهب صيغوني، وإن انحرمت من الهنا هنوني، وإن انحرمت من الدلع هشكوني، ومن الفسح فسحوني، ومن الكلام الحلو يلا سمعوني، ولو كنت غلطانة بعد كده أنصحوني.

وبعد هذا السيل (العرمرم) من الطلبات (الهبلولية) توقفت ثم أجهشت بالبكاء، فتأثرت وعطفت عليها قائلا لها: ما شاء الله ها أنت شبه شاعرة، فقالت: إنه ليس كلامي ولكنني حفظته من كتاب كنت قرأته لأديبة، وذلك من شدة غلبي.

ثم صرخت بوجهي بحدة قائلة: إن زوجي ما هو إلا مثل القنفذ لا ينحضن ولا ينباس، (...) عليه وعلى اللي خلفوه.

ساعتها ثبت لي شرعا أن الباب قد أغلق في وجهي وأن المصالحة بينهما شبه مستحيلة، فقررت أن انفض يدي منهما ووقفت مودعا وأنا أقول لها: إن زوجك وأنت الصادقة ليس بقنفذ، ولكن صرصور عشق خنفسانة ودار بها في البلد محتار - وكان الله في عونه -.

وعرفت قبل يومين أن الطلاق قد حصل بينهما إلى غير رجعة.

فقلت بيني وبين نفسي: أبرك.

[email protected]