حكمة هذا العام لموسى

TT

نهاية العام المنصرم، قلنا إن حكمة تلك السنة كانت المقولة المنسوبة لرئيس الوزراء القطري في وثائق «ويكيليكس» عن أن علاقة بلاده مع إيران تسير وفق: «هم يكذبون علينا، ونحن نكذب عليهم». واليوم يبدو أن الحكمة تأتي مبكرة، بمنتصف العام، ما لم يأت ما يتفوق عليها لاحقا.

ولأن هذا عام مجنون شهد عبارات شكلت مخزونا جيدا من الطرافة والتندر، فمن «فهمتكم»، التي قالها بن علي، وعبارة العقيد معمر القذافي لشعبه «من أنتم.. أيها الجرذان»، إلى مقولة الرئيس السوري «نسرع ولا نتسرع»، إلا أن عبارة ذكية فرضت نفسها اليوم، من ناحية وضوحها، ولمعتها، حسب تعبير أهل الصحافة.

والعبارة «اللمعة» هي ما قاله السيد عمرو موسى ردا على الانتقادات الموجهة إليه من النظام السوري، والتي جاءت على خلفية قول الأمين العام لجامعة الدول العربية إن الوضع بسوريا خطير ومقلق للجميع، مضيفا: «ما نسمعه ونتابعه عن سقوط ضحايا كثر، يشير إلى اضطراب كبير في سوريا، فضلا عن نزوح مجموعات من اللاجئين إلى تركيا، كل ذلك يزيدنا حزنا وأسفا على ما يحدث».

على أثرها أصدر النظام السوري بيانا انتقد فيه موسى، واتهمه بأنه يحاول استغلال ما يحدث في سوريا، محذرين «أي جهة كانت من أن تجعل دماء السوريين أداة تستخدمها في خدمة غاياتها وطموحاتها الخاصة». أي أن عمرو موسى قال ما قاله عن سوريا فقط من أجل تدعيم فرصه في الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة!

وعليه جاء رد السيد عمرو موسى سريعا على اتهامات النظام السوري، حيث قال موسى لصحيفتنا أول من أمس: «هل العالم كله مرشح للرئاسة في مصر»! إجابة واضحة، شاملة، نسفت كل الدعاية السورية التي حاولت أن تبسط من خطورة الأوضاع، وبشكل غريب، فالوقائع على الأرض تقول إن النظام السوري هو من عمق الحفرة التي هو فيها، حيث كابر في تجاهل حقيقة ما يدور على أرضه، وتجاهل أن الإصلاح أمر لا مفر منه، لكن النظام استمرأ الدعايات المضللة، فمثلا، كلما أراد النظام إرسال قواته لاقتحام مدينة أو قرية يقول إعلامه الرسمي إن تحرك القوات يأتي بناء على مطالب أهل تلك المناطق، والسؤال هنا هو: طالما أن النظام يستجيب فوريا للأهالي بإرسال القوات الأمنية، فلماذا لا يستجيب أيضا لمطالب الشعب السوري بالإصلاح؟ دعاية واضحة، وإمعان بالارتباك! فـ«الأوضاع الخطيرة» التي تحدث عنها السيد موسى ما هي إلا نتاج أخطاء نظام دمشق التي عزلت سوريا خارجيا، مثلما عزلت النظام داخليا، فها هو رئيس الوزراء التركي أردوغان يصبح زعيما متوجا ليس في بلاده، أو المنطقة العربية، بل حتى في الداخل السوري، بينما لا يزال نظام دمشق يوزع التهم والتخوين، ويعلق كل شيء على مشجب المؤامرة الخارجية!

ويبدو أن النظام السوري لم يسمع بالمثل القائل إن أول شيء يفعله من يقع في حفرة أن يتوقف عن الحفر، لكن النظام ما زال يحفر، منذ بداية الانتفاضة الشعبية وإلى اليوم!

[email protected]