لا تكذب إلا في حالتين

TT

لا أدري بماذا كنت مأخوذا، هل بغباء الأب أم بذكاء ابنه الطفل؟!، وذلك عندما أراد ذلك الأب (النابغة) أن يعلم ابنه الثرثار الكذوب مكارم الأخلاق، عندما نهره قائلا:

اسمع يا ولد، عندما كنت في سنك لا أذكر أنني كذبت مرة واحدة.

فصمت الطفل برهة وهو يفكر ثم سأل والده قائلا: طيب يا بابا متى بدأت تكذب؟!

فبهت الأب ولم يستطع أن يجيب عليه، فتبرعت أنا بالإجابة عنه قائلا: إن أباك يا شاطر تعلم الكذب قبل أن يتعلم المشي، مثلي أنا تماما.

فلم يقتنع الطفل المشاكس بجوابي لأنه سألني: ومتى تعلمت أنت المشي؟!

قلت له: عندما كنت في بطن أمي.

ولكن لدي نصيحة أقدمها يا شاطر لك عندما تكبر وهي: لا تكذب إلا في حالتين: إطراء امرأة، أو إنقاذ حياة.

* *

أعجبتني لافتة صغيرة مكتوبة على مدخل أحد البنوك وجاء فيها:

تذكر أن جزءا من كل ما تكسبه هو ملك لك.

* *

بلغ هارون الرشيد أن ناسكا يقيم متعبدا في جبال تهامة، زاره مرة وسأله عن حاله. ثم قال له:

- أوصني ومُرني بما شئت.. فوالله لن أعصيك، فسكت العابد ولم يقل شيئا.

وبعد أن تركه الخليفة، قال الذين شهدوا الزيارة للعابد: ما منعك، وقد أقسم ألا يعصيك، أن تأمره بتقوى الله والإحسان إلى رعيته؟

فقال الرجل:

- أيأمره الله فيعصيه، ثم آمره أنا فيطيعني (!!)، هل أنتم مجانين؟!

* *

في حفلة رسمية مختلطة، شاهدني أحدهم عندما وجدني واقفا (متبسما) واضعا وردة حمراء كبيرة لافتة علقتها عنوة في عروة (جاكتتي) في الصالة المكتظة بما ثقل وزنه وثمنه أيضا.

ويبدو لي أنه عرف ما يجول بخاطري لأنه قال لي:

إذا أردت أن تكون موضع نظر للنساء في هذه الصالة، فاذهب إلى تلك المرآة الكبيرة المعلقة على الحائط، وقف أمامها.

فلم أكذب خبرا، وانطلقت سريعا ووقفت أمامها راسما على فمي ابتسامة (مونليزية) كعادتي، وراعني أن امرأة متوحشة قميئة، حدجتني بنظرة عدوانية رافعة يدها نحوي وهي تكاد أن (تدفشني) قائلة لي: ابعد لو سمحت تزحزح، (غور من وشي) - أي وجهي - خليني أشوف.

(فغرت) من وجهها ومن الصالة واللي فيها كذلك.

[email protected]