حب وكوارث

TT

إنه.. إذن.. الحب الأعمى.. الذي أدى به إلى هذه الكوارث الاقتصادية.

فيقال إن رجلا من المهاجرين إلى أستراليا كان يحب الأرانب لدرجة أنه كان يضعها في غرفة نومه. وقد استطاع أن يعلم بعض هذه الأرانب أن تقفز إلى المائدة في أثناء الطعام.. ويقال إنه أطلق على نفسه اسم أرنب.. هذا الرجل أحضر معه إلى أستراليا عددا من الأرانب سنة 1859.

وبعد وفاته تكاثرت الأرانب لدرجة أنها استطاعت أن تقضي على كل المحاصيل الزراعية.. فلم يبق للحيوانات الأخرى طعام تأكله.. وحاولت أستراليا أن تقاوم الأرانب بالقطط فتكاثرت القطط حتى كادت تفتك بالطيور.. ثم قاوموا هذه الحيوانات التي جاءت للزينة بكثير من المبيدات.. ومات الملايين منها.. ولكن بقيت بعد ذلك سلالات تقاوم المبيدات!

وقد أقام أبناء أستراليا سورا طوله 1140 ميلا لمنع الأرانب من دخول الحقول والبيوت والحدائق!

ويقال إن رجلا آخر كان مغرما بأشجار الصبار.. وكان يزرعها في حديقته للزينة.. وتكاثر الصبار في أستراليا لدرجة أنه يغطي ألوف الأميال.. وقد حاولت أستراليا أن تأتي له بحشرة تقضي عليه.. فما كان من الحشرة إلا أن تكيفت معه.. وعاشت عليه!

ويقال إن أحد الأتراك أعجبه منظر شجر الخشخاش.. وأعجبه لون زهرتها.. فزرعها في حديقته.. وانتشر الخشخاش، وهو الينبوع الأول للأفيون في الشرق الأوسط.. وفي العالم كله!

وأحد الإنجليز قد جاء إلى مصر وزرع في حديقته أيضا نباتا يطفو على الماء: ورد النيل.. هذا النبات قد تحول بسرعة إلى وحش يشرب الماء وينمو بسرعة.. ويخنق الترع ويقتل النبات، وهو خطر حقيقي على القنوات والترع والنيل من المصب إلى المنبع!

مثل هؤلاء الهواة أصحاب الحب الأعمى، يستحقون ضرب الرصاص، وإن كنا ندين بالامتنان للرجل الذي أحضر شجيرات القطن وزرعها في حديقته.. للزينة! وانتشر قطن الزينة وأصبح عصب الاقتصاد في مصر وغيرها من البلاد، وقد حاول هذا الرجل أن يمنع الناس من زراعة هذه الشجرة التي يخرج منها صوف أبيض.. ولكنه لم يستطع طبعا.