حلوها أو حلوا عنها

TT

منذ عام 1964، عرفت جميع أمناء الجامعة العربية، إلا السيد محمود رياض. وأنا سعيد بمن عرفت وبمن لم أعرف. لكل أمين – ممن عرفت – محاسن وإخفاقات. ولا أدري إن كان ذلك ينطبق على من لم أعرف. فلم أسمع السيد رياض إلا معنفا مؤنبا ودائما متحيزا يصفق الأبواب خلفه بعنف، بعكس ما هو مفترض في مواصفات الأمين. وأما الباقون فقد كان في كل منهم شيء من لباقة مصر، وقد أضاف الشاذلي القليبي إلى اللباقة شيئا من رحابة تونس.

منذ عرفت الدكتور عبد الخالق حسونة وأنا أسمع وأقرأ انتقادات للجامعة. في النزاعات العربية، تشتم الجامعة. في الهزائم العربية، يمجد المهزومون وتشتم الجامعة. وفي كل نهاية لولاية يتساءل الكثيرون، لماذا يجب أن يكون الأمين مصريا. وكثيرا ما طرحت بنفسي السؤال، خصوصا بعد تجربة القليبي، برغم صغر بلده وقلة إمكاناته وبعد تونس العاصمة عن عواصم العرب.

حدثت هذه «الهمروجة» العربية مؤخرا بين خروج عمرو موسى ومجيء نبيل العربي. لماذا الأمين مصري؟ ولماذا المقر مصري؟ وكنت قد طرحت التساؤل هنا قبل 20 عاما، وقلت لماذا ليس رفيق الحريري أو سليم الحص أو محسن العيني أو محمد بن عيسى. لكن وأنا أسمع نقاشات وتعليقات الأسابيع الأخيرة، انتبهت أيضا إلى أمر غاية في البساطة: لماذا ليس مصر؟ وماذا فعل العرب للجامعة غير النق والشتم؟ وكم مرة شتموها في قلب دارها، أو إذا شئت، عقر الدار، الذي هو أيضا بمعنى قلب الدار. لكن للعقر ألف استخدام غير مستحب، من عقر المرأة إلى عقر النوق.

معظم العرب لا يسددون للجامعة بدل اشتراك العضوية. وليس منهم من تبرع لها ببناء جناح إضافي. وكلما قرر أحدهم أن يقفز إلى عناوين الصحف هدد بالانسحاب من الجامعة. وكانت للقذافي مواسم محسوبة في ذلك. وهي كثيرة. لكنه ما توقع يوما أن تصبح الجامعة يوما قوة تبني القرار الدولي لحماية الليبيين، أو أن تطرد هي حكومته بدل أن تطرد اللجان الجامعة.

إذا كان العرب يريدون الجامعة فليفعلوا شيئا من أجل ذلك. تقول النكتة إن يهوديا ظل يدعو إلى ربه أن يساعده في ربح ورقة «اللوتو» إلى أن سمع صوتا يقول له: حاييم، قبل أن تطلب المساعدة من الرب، يجب أن تشتري ورقة لوتو أولا. يا أيها النشامى تقدموا ولو بمشروع نظري لتحسين الوضع. قولوا كلمة لائقة مرة واحدة بهذه الجامعة المسكينة. وبعدها انقلوها إلى الصومال أو موريتانيا أو جزر القمر. أو بقية معالم الاستقرار والتقدم.. ولا يحمد على مكروه سواه.