أصوات غير مسموعة!

TT

كم عدد الأصوات الغنائية التي عندنا؟ إنها في مثل عدد أغنام جحا.. عددها معروف.. وهي أصوات متشابهة.. ومعنى ذلك أنها متقاربة.. أي قليلة.. لذلك «يشمشم» الناس على الصوت الجديد.. أي صوت.

ولا تستطيع المعاهد الفنية أن تخلق الأصوات.. وإنما في استطاعتها أن تدرب الأصوات وتثقفها إذا اكتشفتها.

وقد شاركت كثيرا في لجان تمتحن أصوات المذيعين والمذيعات من خريجي الجامعات.. والنتيجة قطعا سيئة ومحزنة.. السبب ليس معروفا.. فلا يوجد صوت مسموع. ولا يوجد نطق عربي سليم.. ولا دراية بمبادئ النحو والصرف.. وأسوأ من هذا كله أن معظم الفتيات لا يعرفن كيف ينطقن حرف القاف.. وليس حرف القاف وحده.. وإنما القاف وإخوته مثل الطاء والظاء والثاء، وإذا أفلحت واحدة أو واحد في نطق الحروف نطقا واضحا فإن الكلمات تكون قد التوت في الحلق وداخت بين اللسان والأسنان.. حتى تخرج في النهاية جثة هامدة يشيعها الميكروفون إلى الآذان!

لماذا؟ لأن تدريس اللغة العربية ليس صحيحا. لأن المطالعة الصحيحة ليست من العلوم الأساسية.. لأن حفظ القرآن.. القرآن بالذات، وهذا أحسن نموذج للغة والقراءة السليمة، ليس إجباريا.. ولا توجد هناك عناية واضحة بحفظ الشعر.. وليس بحفظ الشعر فقط، بل إلقاء الشعر.. وقد يتبادر إلى الذهن أن الطلبة الذين يتخرجون في أقسام اللغات الأوروبية يحسنون نطقها. ولذلك ينصرفون عن اللغة العربية إلى اللغات الأخرى.. حتى هذا ليس واضحا.

والتدريب على النموذج الجميل هو تعويد للسان أن يسير وفقا للقواعد تماما.. كما يتدرب الصوت على النماذج السليمة في النطق وإخراج الكلمات وتوزيع إخراجها من الحلق أو من الأنف أو من بين الأسنان.

ولكن معظم الأصوات - بصراحة - كانت نوعا من «قرطسة» الأصوات.. أي لفها في قرطاس لب ثم رميها على آذان الناس.. ومن خمسين صوتا لم تسترح الأذن إلا إلى صوتين أو ثلاثة!