وبكى الطفل!

TT

كأن في داخلي طفلا صغيرا.. لم يكبر ولا يريد أن يكبر. إنه يمد يده إلى الناس لكي يعطوه بعض «البمبون» أو يقرصوه في إذنه قائلين: شاطر.. وإلا لماذا أتحدث عن ذهابي لنادي التوفيقية وعن أنني ألعب التنس.. وأن المضرب الذي ألعب به من ماركة دنلوب وأن الكرات أيضا من هذه الماركة.. إذا استدرج أصدقائي لكي يتفرجوا علي.. مع إنني اكره أن يراقبني أحد وأنا العب. وأنا أتساقط في خشونة على الأرض وأمامي ممرن خفيف رشيق الحركة.. على كل حال لست أنا الذي أفعل ذلك. وإنما هو الطفل المحروم المسكين الذي في داخلي.. الذي لم يسمع كلمة حلوة طول طفولته وتلمذته. أيام كان ترتيبه الأول في كل مراحل التعليم.. وأنا أرى ذلك وأسمع وأشفق عليه وأتحول إلى أم.. أحمل الطفل على صدري وأهدهده وأقول له: «بابا زمانه جاي»!!

وكنت أسحب ألسنة أصدقائي ليقولوا لي: والله أنت تلعب جيدا.. وأنا أعلم أن هذا غير صحيح وأصدق كلامهم وأقول لنفسي: لم يعد الطفل في الداخل لقد أصبح في الخارج أيضا.

واشتريت كثيرا من الكتب عن أبطال التنس عن أحد اللاعبين الذي لا ينام إلا إذا كانت الكرة والمضرب في حضنه.. وقرأت عن لاعبة كانت تحلم بأنها تلعب وهي نائمة فكانت تصحو من النوم وتذهب إلى صديقة لها وتلعبان معا.. وقد تكرر منها ذلك حتى منعها البوليس من إقلاق راحة النائمين!

وجمعت عددا من المقالات عن أدباء وشعراء وفلاسفة كانوا يحبون الرياضة ويفضلونها على القراءة والكتابة.. وقررت أن أؤلف كتابا عن«أدب الملاعب».. وليس مهما أن يصدر لي أو لغيري وإنما المهم أن يصدر والسلام.. واكتشفت أنني غير مقتنع بهذا اللعب وإضاعة الوقت فيه.. وأن كل الكتب التي اشتريتها والمقالات التي جمعتها ليس إلا محاولة لتبرير موقف لا يقنعني.. ومع ذلك لم أتوقف لا عن شراء الكتب ولا عن جمع المقالات ولا عن اللعب.

إلى أن كان أمس.. رأيت اثنين من اللاعبين.. وعرفت فيما بعد أنهما من أشهر لاعبي مصر.. وعرفت الفرق بيني وبينهما.. فكل منهما يلعب وكأنه يطارد فراشة بيضاء!

وقمت.. ولم أذهب إلى النادي بعد ذلك.. وبكى الطفل!