سينما للنساء فقط!

TT

خبر من 118 كلمة نقلته وكالة «أسوشييتد برس» ونقلته عنها صحف عالمية، مفاده أن قطر قررت افتتاح أول سينما للنساء في الشرق الأوسط، وقد يقول البعض: حسنا، ما المهم في الخبر؟ الإجابة أن للخبر مدلولات كثيرة، وأهمية بعدة اتجاهات..

أولها الأهمية الإعلامية؛ ففي ثنايا الخبر، الذي نقلته معظم الصحف العالمية، أن افتتاح سينما نسائية في قطر دليل على أن دول الخليج تراعي العادات والتقاليد، وذكرت الصحف أن في دولة الإمارات، مثلا، شركة تأجير سيارات تخصص قسما من سياراتها لطلبات النساء حيث تقود تلك السيارات سائقات لخدمة النساء فقط، ثم يقول الخبر إن السعودية الدولة الوحيدة التي تتبع شروطا إسلامية صارمة في المنطقة! والسؤال هنا: لماذا جميع دول الخليج تعتبر مراعية للعادات والتقاليد، بينما السعودية توصف بالمتشددة؟ ومن هنا تبدأ القصة السياسية..

الإجابة بسيطة جدا، حيث إن هناك التحريض المستمر على السعودية، مع معالجة محلية متأخرة لكثير من القضايا، فعملية التطوير لا تعني القفز على العادات والتقاليد، كما أنها لا تعني المصادمة مع المجتمع، بل تتطلب بحثا عن حلول عملية، لأن هناك حاجة ملحة؛ اجتماعية، وصحية، وأمنية. ففيما يختص بقضية السينما الخاصة بالنساء فقط في قطر، فقد نجح القطريون في مراعاة خصوصية بلدهم، وشعبهم، دون استخدام كلمة خصوصية، أولا، كما نجحوا في تمرير الأمر بهدوء شديد، ودون أن يكون الأمر موضع تجاذب تيارات أو خلافه مما يعقد الأمور، خصوصا أن في قطر دار سينما مفتوحة للجميع، لكن هذه السينما الخاصة بالنساء تأتي لاستيعاب شريحة لها الحق في أن تحترم، أو أيا كانت المبررات، فأنت لا تستطيع إجبار الناس على فعل ما لا يريدون، خصوصا إذا لم تكن المسألة تتعلق بقوانين، وحتى القوانين يُشترط فيها أن تكون قابلة للتنفيذ. وعليه، فإن دور الدولة أن تشجع مواطنيها وتهيئهم من خلال الإقناع وتوفير البدائل وليس الصدام، وهذا أمر مهم، مهما كنا تواقين للتقدم.

ففيما يختص بالسينما، اليوم باتت الفضائيات تُدخل إلى بيوتنا كل ما هو مقبول وغير مقبول، وليس لنا مقدرة على التحكم بذلك، لكن هناك أساليب أنجع لخلق برنامج متكامل يصب في مصلحة الوطن والمواطن، وتحديدا الشباب.. فمن قبل كانت الحواري، وقبل أن تصبح أحياء في السعودية، تحتوي مسجدا، ومدرسة، ومطعما، وبقالة، وملعب كرة قدم، وهذا يعد تكاملا في ذلك الزمان.. اليوم وفي ظل التوسع والانفتاح، وتحول حوارينا إلى أحياء، لم تعد الحالة على ما كانت عليه بالأمس. ولذا، فلمصلحة مجتمعاتنا؛ اجتماعيا وصحيا وأمنيا، علينا مراعاة أن كل حي بات بحاجة لحدائق متكاملة تنطوي على ملاعب، بأنواعها كافة، تراعي النساء والأطفال، وبحاجة إلى دور سينما للشباب والعوائل، وحتى النساء على الطريقة القطرية، وهكذا.

القضية ليست ترفا، بل يجب النظر إليها من منظار اجتماعي متكامل؛ أمني وصحي وتعليمي، ويجب أن تتم وفق عادات المجتمع وتقاليده، ومنها حماية الأطفال والنساء.. ففي نيويورك مثلا، هناك أجهزة أمن خاصة فقط بالحدائق. ولذا، فالحلول كثيرة، لكن الإشكالية هي في التأخير الذي يحول كل قضية إلى جدال لا طائل منه.

[email protected]