نوري المالكي.. حامي «البعث»

TT

في أغسطس (آب) من عام 2009، وعلى خلفية تفجيرات إرهابية هزت بغداد، طالب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مجلس الأمن الدولي بالتدخل وتشكيل محكمة جنائية دولية ضد سوريا التي اتهمها بأن لها دورا في تلك التفجيرات..

ففي 4 سبتمبر (أيلول) 2009، قال المالكي، أمام رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين ببغداد، إن الأجهزة الأمنية العراقية رصدت اجتماعا في الزبداني في الثلاثين من يوليو (تموز) من ذلك العام «ضم بعثيين وتكفيريين بحضور رجال مخابرات سوريين». ثم أضاف متسائلا «لماذا الإصرار على إيواء المنظمات المسلحة والمطلوبين للقضاء العراقي والإنتربول على الأراضي السورية؟ ولماذا يسمحون للفضائيات التي تعرض كيفية صناعة القنابل والمتفجرات، وهم لا يسمحون بصوت معارض لهم؟». هذا كلام المالكي عام 2009، أما اليوم فيقول رئيس الوزراء العراقي، الرجل الأكثر شراسة ضد البعثيين، إن «استقرار المنطقة ككل مرتبط باستقرار سوريا وأمنها»، داعيا رجال الأعمال العراقيين للعمل بشكل متكامل مع السوريين!

فهل يعقل أن هذه التصريحات صادرة من الرجل نفسه الذي قال في 26 مارس (آذار) الماضي إن «البحرين تختلف عن ليبيا ومصر، وإن القضية أصبحت بين سنة وشيعة، وإن دخول قوات من دول عربية مصنفة سنية إلى جانب الحكومة السنية في البحرين وضع الشيعة أمام حالة وكأنها حشد سني ضدهم»، محذرا من أن «المنطقة قد تجر إلى حرب طائفية، وتشتعل فيها نيران التخندق الطائفي»!

للأسف هذه هي الحقيقة، فرئيس الوزراء العراقي الذي ما إن يلقي خطابا إلا ويذكّر بخطورة «البعث»، وضرورة ملاحقتهم، يعلن اليوم أن استقرار المنطقة ككل مربوط باستقرار النظام البعثي السوري، بل كان تصريح المالكي هو النسخة المعدلة، أو العربية، من تصريح رامي مخلوف الذي قال في بداية الانتفاضة السورية إن أمن إسرائيل واستقرارها من أمن سوريا، فلا نظام دمشق تغير، والنظام السوري اليوم أسوأ مما كان عليه يوم انتقده المالكي بالأمس، فما الذي تغير ليدافع المالكي عن النظام البعثي السوري اليوم؟

الإجابة بسيطة بالطبع، إنها الطائفية المقيتة، فالمالكي لا يهمه مقتل 1400 سوري، أو اعتقال 10 آلاف، وحتى تهجير 11 ألفا لتركيا، كل ما يهمه هو حماية المصالح الطائفية، ففي الوقت الذي يتهم فيه المالكي خصومه بأنهم حلفاء للبعثيين العراقيين، الذين يرفض نظامه المصالحة معهم بحجة «الأيدي الملطخة بالدماء» كما يقال، نجده هو نفسه اليوم يدافع باستماتة عن النظام البعثي السوري الذي طالب المالكي مجلس الأمن بالتدخل لردعه. فبعد كل هذا كيف سيكون بوسع هذا النظام الطائفي بالعراق أن يكون منصفا بحق جميع المكونات العراقية؟

أمر صعب، لأن النظام العراقي الحالي هو جزء من المحور الإيراني بالمنطقة، ويجب التنبه إلى أن دعم المالكي لـ«البعث» السوري اليوم يأتي متسقا مع الجهد الإيراني المبذول لتجنب وقوع النظام بدمشق، فقبل المالكي بأيام خرج حسن نصر الله أيضا محاولا إقناع السوريين بضرورة الحفاظ على نظامهم، فالمحور الإيراني بمنطقتنا يفعل المستحيل ليظل متماسكا، ولو كلف الأمر أن يكون المالكي «رئيس وزراء العراق الديمقراطي» هو حامي «البعث»!

[email protected]