من أفضال العرب على العالم

TT

سمعت صديقين يتناقشان، فقال أحدهما وكان على شيء لا بأس به من العباطة:

إنني في سبيل إرضائي لزوجتي، أقلعت عن التدخين، والسهر مع الأصدقاء في لعب (البلوت)، أي ورق (الكوتشينة).

فقال الآخر: لا بد أنك جعلتها سعيدة بذلك.

فهز الأول رأسه وقال: كلا.

فسأله: لماذا؟

فقال: لأنها كلما بدأت تتحدث معي الآن لم تجد شيئا تقوله!

فتدخلت بينهما دون أن يطلبا مني ذلك، وقلت للعبيط: إذا أردت نصيحتي فارجع كما كنت، ولكن (طينها) أكثر، فلا يفل الحديد إلا الحديد.

فسألني: أنت متأكد؟!

فقلت له وأنا أضرب على صدري: (أفا عليك) على مسؤوليتي.

وبعد عدّة أيام شاهدته، وحول إحدى عينيه هالة زرقاء.

***

يقال: إنه يرجع تاريخ صناعة الورق إلى القرن الأول للميلاد، وكان أهل الصين أول من اخترعوه وأتقنوا صناعته، وحافظوا على سرها أكثر من 600 سنة، حتى امتدت الفتوحات الإسلامية إلى حدود الصين، فأخذ العرب صناعة الورق وأدخلوها إلى سمرقند سنة 704م، ثم إلى بغداد سنة 795م. ونقله العرب بعدئذ إلى الأندلس، فكانت طليطلة أول مدينة أوروبية عرفت صناعة الورق. ومن ثم انتشرت في إيطاليا وبقية بلدان أوروبا.

هذا هو فضل العرب القدماء على أوروبا، ولكنْ هناك فضل آخر للمحدثين لا يقل عنه أهمية و(فداحة). فيقال: إن السيجارة بوضعها الحالي إنما الذي اخترعها هو جندي مصري من قوات (محمد علي باشا) سنة 1842، عندما تاقت نفسه للتدخين خلال حصار (عكاّ) وليس معه (غليون)، فوقعت عينه على ورقة ساقطة بالأرض فتناولها وحشاها بالتبغ ولفها ثم دخنها، وأخذ زملاؤه يقلدونه.

وبعدها انتقلت هذه الطريقة إلى أوروبا عن طريق القوات العسكرية الفرنسية والبريطانية التي جاءت لنجدة سلطان تركيا ضد روسيا، ومن هنا جاءت فكرة (السجائر) التي غزت أصقاع الدنيا وعاثت بها تلوثا وأمراضا و(مزاجا).

إذن لماذا يقول البعض إنه ليس للعرب أفضال على العالم؟!

الشيء المؤلم أنه لم يسجل اسم ذلك الجندي المصري البارع الذي اهتدى لذلك الاختراع الباهر، ولو أنه عرف لكان حريا أن ينصب له تمثال في ميدان التحرير وسط القاهرة، وفي يده بندقية، وفي فمه سيجارة.

[email protected]