كرة القدم النسائية

TT

من النادر في جيلي أو الجيل الذي سبقني أو الذي أتى بعدي من لم يمارس كرة القدم، أي لعبة كرة القدم، أعتقد أنها واضحة.

وهذه الممارسة للفتيان ليست في بلادي فقط وإنما هي في كل البلاد العربية مثلما هو معلوم، بل إن دولة كالمحروسة مصر، مضى على أجيالها أكثر من قرن كامل وهم يركلون المجنونة التي يقال لها الكرة دون جدوى تذكر، رغم أنني قرأت في إحدى المجلات المصرية القديمة وصفا لمباراة بين منتخب مصر ومنتخب تركيا حصلت في العشرينات من القرن الماضي وفازت بها مصر و(صقعت) تركيا (8/2)، وأظن والله أعلم أنه لو جرت بين المنتخبين مباراة في هذه الأيام لانعكست الآية.

ومنذ أن بدأت مسابقات كأس العالم في هذه الرياضة لا أذكر أن منتخب دولة عربية وصل إلى دور الثمانية على الأقل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل بكل صراحة على أننا (خيخة) منيلة.

أعود لتاريخي غير المجيد في هذه اللعبة، وأقول: إنني كنت أنتمي لفريق رياضي في مدينة الطائف، وصادف أننا انتصرنا بقدرة قادر في إحدى المباريات، فأردنا أن نحتفل بانتصارنا اليتيم ذاك، وقررنا أن نعمل سهرة بتلك المناسبة ونأكل فيها (السليق)، وأحضرنا فرقة موسيقية مكونة من عشرة عازفين، ومن سوء الحظ أن أحدهم أشار علينا أن يغني في تلك الحفلة أحد اللاعبين على أساس أن صوته جميل، وبعد ممانعة منه وإصرار منا اعتلى خشبة المنصة في الحوش المفتوح، عندها الله لا يوريكم، وإذا بصوته لا يبتعد عن أنكر الأصوات، ومما زاد الطين بلة أنه بدأ يغني أغنية أم كلثوم (أروح لمين)، ومر على (جعيره) خمس وعشر دقائق وربع ونصف ساعة وهو يزيد ويعيد، وعندما فاض بنا الكيل بدأنا بالتململ والاحتجاج محاولين إسكاته وإنزاله بأدب غير أن رأسه وألف سيف أن لا ينزل، فما كان من بعضنا إلا أن شدّوه من ثيابه بالقوة، فجابههم هو بالضرب والمشكلة أنه كان نشيطا كالمصارعين، وانقلبت الحفلة إلى عراك ارتفعت فيها الأصوات والشتائم، وتطايرت فيها الأحذية والنعال، ووصلت الجلبة إلى الشارع ونحن في الهزيع الأوسط من الليل، وكبست علينا الهيئة والشرطة، وهرب من هرب، وقبض على من قبض، والحمد لله أنني كنت من أول الهاربين، وبعد أن كنت أمني نفسي أن أرقص في تلك الليلة رقصة المزمار على أغنية (يا سارية خبريني)، إذا بي أعود لمنزلي بفردة حذاء واحدة، مع كدمة زرقاء على جبيني.

والذي دعاني اليوم للكتابة عن هذا الموضوع هو أنني في هذه الأيام أتابع بشغف بالغ مباريات كأس العالم لكرة القدم النسائية تحديدا.

ولا تتصورون مقدار حماستي لذلك، إلى درجة أنني نسيت مشاكل العالم، ولم أعد أسمع وأشاهد الأخبار السياسية على الإطلاق، ولفتت نظري اللاعبة رقم (10) من المنتخب الإنجليزي واسمها (تلي سميث)، وهي بين النساء بمثابة (ميسي) اللاعب الأرجنتيني بين الرجال، وهي إلى جانب وسامتها تعرف كيف تهدّف.

وإنني مستعد أن أراهن على اللي في جيبي، لو أن فريقا من تلك الفرق النسائية، خاض مباراة مع منتخب الدول العربية قاطبة، لفاز عليه ومرغ وجهه على المستطيل الأخضر.

وكأني بالفريق العربي لا هم له في تلك المباراة غير (الدغالة) والاحتكاكات غير القانونية، مع اللهاث ودلدلة الألسن.

[email protected]