حتى لا يفشل الحوار بالبحرين!

TT

عيون العالم خلال أسبوعين ستكون موجهة على البحرين وحوارها الوطني. الكل في انتظار ما سيفضي إليه للخروج من حالة الاحتقان الطائفي التي تحاصر الشارع، منذ اندلاع موجة الاحتجاجات في فبراير (شباط) الماضي. ليس من المبالغة القول بأن هذه الـ14 يوما ستكون حاسمة في تاريخ البحرين الحديث.. فإما أن تنتقل المملكة إلى مرحلة متقدمة من مشروعها الإصلاحي وترمي خلفها أحزان وجراحات الماضي، وإما أن تصل إلى نقطة اللاعودة وتتواصل مرحلة الاحتقان. البوادر قبل انطلاق الحوار كانت مشجعة إلى درجة كدنا معها أن نقول إنه نجح قبل أن يبدأ.. الملك حمد بن عيسى آل خليفة يفاجئ الجميع، حتى المتشددين في المعارضة «الشيعية»، بلجنة دولية مستقلة للتحقيق. كانت الدعوة واضحة جدا: يجب أن يعرف العالم من المتسبب في هذه الأزمة، سواء من الحكومة أو من أي أطراف أخرى. هنا ارتقى الملك ليكون فوق الجميع وعلى مسافة واحدة، فهو ملك على المعارضة كما على الحكومة، وهذا بالتأكيد يشكل أرضية صلبة لانطلاق الحوار. غير أن المؤشرات التي أطلقتها المعارضة لم تكن مشجعة إطلاقا، فقد شككت في وعود الإصلاح، ثم هددت بالانسحاب من الحوار قبل أن يبدأ، ناهيك باحتمالية انسحابها منه في أي لحظة!

الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية «الوفاق»، كبرى جمعيات المعارضة في البحرين، يصر على أن الحوار يجب أن ينتج عنه تلبية لكامل مطالبهم كمعارضة، وإلا فإنهم لن يقبلوا بما سيسفر عنه. وهذا يعني تعنتا وإصرارا للوصول إلى الطريق المسدود، مهما كانت العواقب. نذكّر «الوفاق»، وغيرها، بما قالته مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، بأنه لا توجد ديمقراطية كاملة على الكرة الأرضية، «وكل الديمقراطيات الوطنية عبارة عن رحلة تتطور مع الوقت»، فهل تعي «الوفاق» أنها ستدمر مكتسبات البحرين الإصلاحية، إذا ما أصرت على مواقفها التعنتية؟

هنا لا بد من الإشارة إلى مغالطة روجتها المعارضة البحرينية، والتقطها البعض من دون التأكد من محتواها. فـ«الوفاق» تتهم سلطات بلادها بـ«تهميش الإرادة الشعبية»، وأنها كجمعية، ممثلة لغالبية الشعب البحريني، باعتبارها حصلت على 60 في المائة من أصوات الناخبين. وهذا أمر غير صحيح إطلاقا، فالأرقام الرسمية، وهي منشورة على كل حال وليست سرا، تثبت أن «الوفاق» حصلت على 83 ألف صوت من 318 ألف صوت هي إجمالي الكتلة الانتخابية، أي إنها لم تحصل إلا على 26 في المائة تقريبا. لعل ما يساعد «الوفاق» على رفع صوتها عاليا، هو أن المعارضة السنية مشتتة، وعادة الغالبية الصامتة لا أحد يلتفت إليها، وهو ما ينطبق على الحالة البحرينية بشكل دقيق.

السقف الذي وضعته المملكة البحرينية لإنجاح الحوار عال جدا. الإصلاحات المطروحة على الطاولة ستكون نقلة نوعية في البرنامج الإصلاحي. كانت المعارضة نفسها تتمنى عُشر هذا السقف المطروح.. فإما أن تحافظ المعارضة على هذه المكتسبات، وتبني عليها، وإما أن تواصل المراوغة والكر والفر حتى تضيع هذه الفرصة السانحة، ناهيك بالعودة إلى الاضطرابات والاحتجاجات التي لا يستفيد منها أحد. الكرة الآن في ملعب المعارضة، ولا خيار أمامها إلا أن تركلها في المرمى، أما الانتظار والتسويف والمناورة فربما يخرجها بالكامل خارج اللعبة.

[email protected]