العراق بديلا عن سوريا لإيران

TT

هناك نقاش يدور على أعلى المستويات عن المدى الذي قد تذهب إليه إيران دفاعا عن حليفها السوري، وضمان تجنيبه السقوط، بعد الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في سوريا اليوم. سألت هذا السؤال لأحد المسؤولين عن الملف السوري في المنطقة، فكانت إجابته مفاجئة!

يقول المسؤول إن هناك مؤشرات على أن إيران بدأت تهيئ العراق ليكون هو الحليف الوثيق في المنطقة في حال سقط النظام بسوريا. ولذا، فإننا اليوم نلحظ الدور الذي تقوم به الميليشيات المدعومة من قبل إيران في العراق، خصوصا أن بعض المناطق العراقية السنية باتت تسجل قتيلا كل أسبوع على أيدي تلك الميليشيات، التي تتعاظم أدوارها مع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي من العراق.

وبالطبع، فإن تجهيز العراق كبديل عن سوريا يعني أن السياسة الخارجية الإيرانية ليست معنية بمقاومة إسرائيل، كما يقول ملالي إيران، أو عملاؤهم في المنطقة على غرار حسن نصر الله، بمقدار حرص طهران على بسط نفوذها في منطقة الخليج العربي، وهذا هو هدف إيران الرئيس منذ ثورة الخميني.. فطهران لم تطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل، ومنذ ثورة الخميني، بل على العكس، فإن إيران اشترت السلاح من الإسرائيليين، في ما عرف بفضيحة «إيران - غيت»، وآخر الفضائح هي فضيحة السفن الإسرائيلية التي ترسو في المرافئ الإيرانية ومنذ 10 سنوات، وهو ما أعلن عنه قبل شهر من الآن.

وعليه، فإن تحول إيران إلى العراق يعني أن أهداف الثورة الإيرانية ما زالت قائمة، وهي ضمان النفوذ في منطقة الخليج العربي، كما أن الفائدة الأخرى التي ستتحقق من قبل إبدال العراق بسوريا هي أن أرض الرافدين غنية، وليست بحاجة إلى دعم إيراني مالي مثل الذي يتطلبه النظام السوري اليوم، كما أن العراق، وفي حال سقوط نظام الأسد، سيمثل عمقا استراتيجيا لحزب الله، من ناحية تخزين ونقل السلاح، ناهيك بأن العراق يعد موقعا استراتيجيا أيضا لانطلاق العمليات الإيرانية تجاه الأهداف الخليجية، وحتى الأردن، وهو ما يعني أيضا أن بإمكان طهران تطويق سوريا ما بعد الأسد من ناحية الحدود العراقية، خصوصا إذا كان النموذج القادم في سوريا معاديا لحزب الله، والتوجه الإيراني في المنطقة.

لذا، فقناعتي أن هذا لا يعني أن على الأميركيين البقاء في العراق مدة أطول، بل على العكس، فإن على واشنطن الانسحاب من هناك، ولكن مع ضرورة إصلاح الوضع السياسي العراقي، وضمان عدم انفراد أتباع إيران بالسيطرة على مفاصل الدولة العراقية، وعلى رأسهم نظام نوري المالكي، خصوصا أن البحر الأعظم من شيعة العراق هم عروبيون وحريصون على أن لا تكون بلادهم مجرد مسرح إيراني، وهذه حقيقة ولها شواهد تاريخية، وآنية، وأهمها حجم المظاهرات الحديثة ضد حكومة نوري المالكي.

عليه، فإن توجه إيران الجديد في العراق يجب أن لا يواجه بالتخندق الطائفي مثل لبنان، بل من خلال الحلول السياسية الجادة، والتي تتطلب أولا مشروع مصالحة حقيقية في العراق، ورغما عن نظام نوري المالكي.. فمن يستغل هذه الفرصة اليوم، ويملك هذه الرؤية؟ هذا هو السؤال.

[email protected]