يكتب للناس وعن الناس!

TT

يقال إن الرئيس الأميركي كوليدج ذهب لزيارة بيت الشاعرة إميلي دكسون.. وعرضوا عليه أوراقها الخاصة وأعطوه إحدى قصائدها المحفوظة في الأرشيف بعد وفاتها.. فقلبها الرئيس وقرأها ثم قال: ياه.. إنها تكتب بالقلم.. أما أنا فأملي خطاباتي.. أنا أفضل كثيرا..

هذا كل ما رآه في أديبة عظيمة!!

***

ويقال إن دكتور جونسون، الأديب المعروف، أقاموا له وليمة فخمة.. وتأخر عن الحضور ثم جاء مسرعا.. ولكن الرئيس منعه.. فقد وجدوه مهلهل الملابس ضئيلا منكوش الشعر.. وقال لهم: بل أنا دكتور جونسون. ولكن أحدا لم يصدقه.. حتى أن واحدا من المدعوين قال: لم أكن أتصور أنك هكذا.. إذن فأنت دكتور جونسون.. على أي حال.. تفضل!

***

في القرن التاسع عشر عاش ومات الشاعر الألماني كلو بستوك.. سافر إليه أحد المعجبين مسافة خمسمائة كيلومتر ليسأله عن معنى إحدى قصائده.. فقابله الشاعر وراح يلف به أمام البيت وحوله، ثم قال له وهو في حالة سرحان شديد: وأنا لا أعرف معنى هذه القصيدة.. أرجو أن تمضي ما تبقى لك من العمر في محاولة فهمها.. ثم ابعث لي برأيك! ثم دخل وأقفل الباب وراءه!

***

ويقال إن أولاد الأديب سوفوكليس رفعوا أمرهم للقضاء مطالبين بالحجر على والدهم، خوفا من أن يبدد أمواله.. وذهب الأديب إلى المحكمة.. وسأله القضاة إن كان حقا هو الأديب العظيم.. فقال: أديب؟ نعم.. عظيم؟ لا!

فقال أحد القضاة: ولكن ملابسك وشعرك.. وأصابعك في أنفك.. وهذا الذي يخرج من فمك.. والدموع التي تسيل من عينيك.. وأنت هو؟

فضحك الأديب وقال: رغم كل ذلك فأنا هو..

قال القاضي: أولادك يقولون إنك مجنون!!

قال الأديب: هذه مسرحية فرغت منها اليوم.. أعطيها لك.. وأتلوها عليك كلها من الذاكرة!

وكان ذهول القضاة والمحلفين وأولاده عظيما عندما قالها من الذاكرة كلها!

وما من أديب إلا يريد أن يلتقي بقرائه.. أن يعرف منهم الذي وجدوه فيه أو وجدوه عنده؟ ما الذي يريدونه أن يقول؟ هل وجدوه عند حسن الظن به؟ هل خلا بهم أو تخلى عنهم؟ متى كان لسانهم؟ ومتى كان أذنهم؟ ومتى كان القلم الذي في أيديهم؟ فالكاتب يغني أو يخطب لمن لا يرى ولمن لا يعرف..

ولكن الكاتب يكتب للناس عن الناس في مواجهة الناس.. وعلى الرغم منهم!