«جنرال إلكتريك».. التغيير في الشرق الأوسط وأفاق الإقتصاد

TT

عندما سألني السيناتور جون ماكين والسيناتور جون كيري، إن كنت أوافق على رئاسة وفد يمثل مجتمع الأعمال الأميركي في رحلة إلى كل من مصر وتونس، لم أتردد إطلاقا؛ فالمتغيرات السياسية المتسارعة التي تشهدها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تزامنت بدورها مع متغيرات اقتصادية متسارعة، مما يعزز من أهمية هذه المناطق لأي شركة عالمية ذات نشاطات فيها.

وتوجد شركتنا في المنطقة منذ عهد بعيد، وتتعاون مع العملاء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أكثر من ثمانين عاما. ولدينا اليوم شراكات راسخة مع أهم الشركات، وضمن مختلف قطاعات الأعمال؛ فتوربينات «جنرال إلكتريك» الغازية تدعم عمليات توليد الطاقة في كل أنحاء المنطقة: من العراق إلى مصر، ومن المملكة العربية السعودية إلى المغرب، في حين تسهم تقنياتنا في مجال الرعاية الصحية بتوفير حلول عملية ناجحة لأكبر المشكلات الطبية؛ في الوقت الذي يجري تشغيل المحركات التي طورناها على طائرات معظم الخطوط الجوية الكبرى في المنطقة. ولا يقتصر دور «جنرال إلكتريك» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على توفير الحلول والتقنيات الحديثة، بل يمتد ليشمل التعاون الوثيق مع الحكومات؛ للمساعدة على تنفيذ خططها التنموية الطموحة، وتحقيق أهدافها الرامية إلى تنويع الموارد الاقتصادية. وعقدنا في هذا الصدد كثيرا من الشراكات في دول المنطقة، وهي شراكات أعدت وصممت خصيصا لتنسجم واحتياجات كل دولة. وقمنا ببناء منشآت التصنيع والأبحاث، ونمضي قدما في الاستثمار بالبرامج التدريبية والتعليمية الموجهة نحو الكوادر المحلية، لتكون مؤهلة لتقديم خدمات أفضل لأسواق المنطقة التي تشهد نموا متسارعا.

فسواء على مستوى قطاع الملاحة الجوية، أو الطاقة المتجددة، أو تقنيات الرعاية الصحية المبتكرة، تمكنت «جنرال إلكتريك» من اكتشاف فرص واعدة وقوية لتحقيق النمو في كثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فـ«جنرال إلكتريك» حاضرة، وبقوة، من خلال التحالفات والشراكات الاستراتيجية البناءة، التي كانت، وما زالت، تعود بفوائد محققة على جميع الأطراف. ولا شك في أننا لسنا وحدنا من يتبع هذا المنهج، فجميع من كان معنا في الرحلة، من ممثلي شركات كبرى مثل «بوينج» و«كوكاكولا» و«ماريوت» و«إيكسون موبيل»، يدرك تماما مدى أهمية الاستثمار في هذه المنطقة حاليا. لكننا، في الوقت ذاته، مدركون أن الأحداث التي انطلقت في الربيع الماضي تعني أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤهلة لقطع خطوات غير مسبوقة في شتى المجالات، خلال المرحلة الراهنة. ولطالما قلت إن دور الشركات متعددة الجنسيات في الأسواق العالمية يجب أن يكون مزدوجا، من خلال ضمان تحقيق العائدات للمستثمرين، والعمل بصورة جادة على أن يكون لعملياتها أثر إيجابي على المجتمعات التي توجد فيها. ومن المطلوب أن ينطلق قادة الأعمال من فكرة أن هذه الاستثمارات ستساعد شركاتنا على تحقيق أهدافها التنموية، بالتوازي مع خدمة الناس وتلبية متطلباتهم بأفضل صورة ممكنة.

ويستند تحقيق هذه الأهداف إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها تأسيس بيئة عمل شفافة ومستقرة وآمنة. والأهم من ذلك هو تقديم صورة واضحة عن هذا الاستقرار للشركات العالمية، لضمان استقطاب الاستثمارات إلى المنطقة، والمحافظة عليها. أما العامل الثاني فيتمثل في إيجاد أفضل السبل لتسريع عمليات التمويل التي يحتاجها قادة الأعمال والشركات الصغيرة، على حد سواء، بما يضمن سير العمل في مشاريع البنية التحتية الكبرى دون أي عقبات. ومن المعروف أن مثل هذه المشاريع تسهم في توفير فرص عمل على المدى القصير، إلى جانب دورها في تحقيق الأهداف التنموية والتطويرية على المدى الطويل. كما أن الشركات باتت قادرة على حفز الاستثمارات بشكل أكبر مما يمكن للحكومات أن تقدمه، وكذلك تعد استثمارات القطاع الخاص على المدى القصير ذات أثر بالغ في تعزيز ثقة جميع المعنيين مستقبلا. وأخيرا، فلا بد من الاستفادة من غنى المنطقة برأس المال البشري. لقد التقيت خلال الرحلة الكثير من رجال الأعمال الذين يوجدون عبر شركاتهم في المنطقة، ودارت بيني وبين رؤساء وحدات أعمال «جنرال إلكتريك» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشركائهم نقاشات مطولة، وكانت الرسالة واحدة: إن تحقيق النجاح مرتكز على الاستفادة من أعظم موارد المنطقة، التي تتمثل في مواهب الشباب المتحمس والراغب في الإسهام بدور فاعل في بناء الاقتصاد الوطني.

ويتجلى هنا دور الحكومات في المساعدة على تعزيز دور فئة الشباب في المنطقة، عبر توفير الفرص التجارية الثنائية والإقليمية التي تدفع عجلة النمو الاقتصادي وتوفر فرص العمل، وهيكلة التشريعات التي من شأنها حفز عملية نمو الأعمال، لا عرقلتها. وبالتالي، فيمكن للحكومات أن تعمل على توفير حوافز إضافية لتشجيع الاستثمارات والتبادل التجاري بين الأسواق، بما في ذلك تقديم تسهيلات أكبر لرجال الأعمال المصريين والتونسيين، تضمن تواصلهم بصورة أكثر فاعلية مع السوق الأميركية، ليستكشفوا فرص تعاون شركاتهم الخاصة مع مؤسسات كبرى مثل «جنرال إلكتريك»، كما يمكن للشركات الصغيرة والحديثة استكشاف فرص أكبر للتعاون كموزعين أو شركاء أو عملاء للشركات الكبرى.

وفي حين تشكل القرارات التشريعية عاملا أساسيا في هذا المجال، فإننا لا نستطيع أن نغفل عن أهمية الدور الذي يمكن للقطاع الخاص أن يلعبه. يجب أن يكون تفاؤلنا بالفرص الواعدة التي تحفل بها أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متزامنا مع التزام حقيقي بلعب دور إيجابي في تطوير هذه الأسواق خلال المرحلة المقبلة. وأؤكد أن زيارتي الأخيرة إلى المنطقة قد عززت ثقتي بأننا إذا ما عملنا يدا واحدة، سنكون قادرين على تحقيق هذه الأهداف.

*جيفري إيملت، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «جنرال إلكتريك»