إنها الحافة بكل وضوح

TT

يقول الروائي علاء الأسواني إنه سأل جنرالا في الجيش المصري، لماذا لا يتحرك العسكريون في مواجهة عناصر الشغب وأعداء الثورة، فرد الجنرال بالقول إن «الجندي المصري مدرب على مواجهة عدوه، ولذلك لا يعرف كيف يتصرف حيال مواطن غير مسلح». يرى الأسواني، في مقال كتبه للـ«صنداي تايمز» أن معظم أعداء الثورة من رجال الأمن الذين يريدون أن يؤكدوا للناس الفارق بين ما كانت عليه الحال أيام مبارك وبين ما هي عليه اليوم.

ويخشى، وهو الذي كان من أعلى الثوريين صوتا، أن تسقط الثورة في أيدي «الإخوان» والسلفيين، ربما لاعتقاده أن بقية القوى أضعف منهم. ويعدد هذه القوى على أنها المستقلون والليبراليون والشيوعيون السابقون والأقباط؛ أي مجموعة القوى التي تخشى قيام نظام إسلامي على غرار إيران، وبالتعاون معها. وبما أن الجيش قد وعد بتسليم السلطة إلى أول رئيس ينتخب، فالذين قاموا بالثورة يخشون أن يفقدوها لحساب القوى الأكثر تنظيما والأكثر حدة.

لكن الأسواني متفائل على الرغم من كل شيء، وهو يلخص كل شيء في نقاش مع عامل في مقهى في حي الحسين؛ يقول العامل: «الشعب المصري الذي استطاع إطاحة مبارك، قادر على حماية الثورة». ظني، وبعض الظن إثم وبعضه فطنة، أن العامل الشاطر في حي الحسين، كان يريد أن يرضي الزبون الشهير، وأن لا يعكر مزاجه في المقهى.

أما الحقيقة فهي أكثر تعقيدا، وفق الدكتور الأسواني، من أن يحلها «الشعب المصري» وحده؛ فلو كان الأمر في يد الشعب المصري حقا، لما حدث الشطط في حكم مبارك، ولما ظل جمال مبارك يحلم بأن يحكم مصر، ولما كانت هذه الفوضى الأمنية القائمة اليوم، ولما كان هذا الخراب الاقتصادي المنفلت، ولما كان الحق قائما والماشي هو الباطل، كما رسم علي سالم الصورة، في ظرفه الأخاذ.

لا يمكن أن تبقى مصر على ما هي فيه، لكنني لا أعرف أيضا ما الحل. وليس الحل في انتقاد المساعدات التي تقدمها السعودية ودول الخليج، لقاء منع المحاكمة عن مبارك، كما يكتب الأسواني وزملاء كثيرون. أنا من الذين يعتقدون أن السعودية لم تساعد كفاية وأن الكثير من دول الخليج مقصرة. لا يمكن ترك مصر تنزلق إلى الفقر والمجهول من جديد، في انتظار أن تستقر الأمور وتعود معالم الدولة. أيهما أكثر أهمية لمصر، التعجيل بضعة أيام في محاكمة مبارك، أم التأخير بضعة أشهر في إفلاس مصر؟

مصر، بتأثيرها المتعدد الذي حكى عنه الأسواني لقراء الـ«صنداي تايمز»، ليست مسؤولية مصرية فقط؛ إنها بالتساوي مسؤولية عربية أيضا.. ليس بالخوف منها، بل بالخوف عليها.. وليس بتجاهل الحافة التي تقف عندها، بل بتحذيرها من القفز.