أنت غريب عنك!

TT

كيف تنظر إلى ملابسك وأنت صغير؟

كيف تسمع حكايات طفولتك من أمك أو من جدتك ثم تضحك؟

ولكن ما الذي يضحكك؟ الذي يضحكك هو أنك أمام قصص إنسان آخر.. كان طفلا وكان لا يعرف كيف ينطق الحروف وكان لا يحس تقدير كل شيء.

ولكنه في ذلك الوقت كان إنسانا صغيرا شديد الحساسية سريع الإدراك.

وعلى الرغم من أن هذا الإنسان هو أنت، فإنك تنظر إليه كأنه إنسان آخر! هل صحيح كانت ملابسي قصيرة إلى هذه الدرجة؟ وحذاؤك كان في طول إصبع يديك؟ كل ذلك صحيح، ولكنه غريب عنك الآن!

كل هذا دار في رأسي طويلا.. وجلست أسجله يوما بعد يوم.. فأنا شديد الحرارة والحماسة.. أرى الدنيا كلها أقرب مما هي الآن.. فأنا استطيع أن أقول كل ما أريد.. وأستطيع أن أحكم على كل الناس وفي كل القضايا.. لا خوف.. لا احتراس.. هذا رأيي وفي ذلك الكفاية وأنا المسؤول عن كل ما أقول.. وقد غضب مني الكثيرون.. ولكن هذا الغضب طبيعي.. أي من الطبيعي أن يغضب الناس مما أقول وأن ينزعجوا أيضا. ووجدت في ذلك الوقت أنه لا حرائق بلا نار.. ولا نار بلا دخان ولا انفجار بلا دوي!

والشباب انفجار.. والانفجار نار وألوان ودخان وصراخ وضوضاء ورعب.

ولم أكن في ذلك الوقت إلا صورة أو انعكاسا لمئات الصور من الشباب في مثل سني.

واندهشت جدا كيف أن عددا من القضايا العاطفية والاجتماعية كانت تشغلني أكثر من أي شيء.. وكيف أنني كنت أضع أصابعي في النار بلا خوف، فلم يكن الخوف هو الذي يسيطر على أصابعي.. ولكن المهم عندي هو أن أمسك شيئا.. أن أنظر إليه عن قرب وأن أزفه وأن أصفه وأن أقدمه مهما كان الثمن.. ولم أكن في ذلك متسرعا ولا مستخفا ولا مستهينا بشيء واحد أو بأحد.

وقد تغيرت الدنيا في يدي وعيني.. وأجدني متمسكا بكثير من آرائي في الحياة والناس.. وفي الحاضر والمستقبل وفي هموم الشباب. ويدهشني أنني تنبهت إلى ذلك في سن مبكرة.