المعارضة البحرينية.. الخارج أولا

TT

أما وقد فعلتها المعارضة الشيعية في البحرين، التي تمثل غالبيتها جمعية الوفاق الوطني، وانسحبت من حوار التوافق في بلادها، فقد أثبتت مجددا أن المكارثية ديدنها في التعاطي سياسيا، حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن. نفهم اتخاذ مبدأ «الغاية والوسيلة» كقاعدة أساسية لتعامل البعض في السياسة، لكن أن يصل التطرف في الوسيلة، للنحو الذي يجيش الشارع نحو الفوضى، فهذا ما لا تفعله أي جهة تراعي المصلحة الوطنية.

المعارضة البحرينية تمارس الخطأ تلو الخطأ، مستندة في قراراتها إلى رغبة ثورية في استمالة الشارع، من دون النظر إلى عواقب أخطائها المتكررة، فهي اتخذت قرارا بالانسحاب من البرلمان بعد يومين من اندلاع أحداث فبراير (شباط) وكأنها تتحجج لاتخاذ هذه الخطوة.. مالت باتجاه المتطرفين الشيعة عندما انجرت مع مطالبهم بإسقاط الملكية وإقامة جمهورية بدلا منها.. واصلت تخبطها بعدم اتخاذ أي موقف واضح، وتاريخي، يحسب لها، من مطلب إسقاط الملكية، على الطريقة الشهيرة «لم آمر بها ولم تسؤني».. تأزم الشارع البحريني فاختارت أن تحرك الشارع نحو الغضب بدلا من التهدئة، فلما أتى الحوار الوطني، ترددت في المشاركة حتى قبل يوم من انطلاقه، فلما شاركت هددت وأزبدت وأرعدت، ثم جاء القرار المنتظر.. فانسحبت.

مشكلة «الوفاق» مشكلة معقدة، فهي تعرف الطريق الصحيح للوصول إلى مطالبها الإصلاحية، لكنها تصر على الدخول من النافذة، حتى ولو كانت هذه النافذة لا تتسع لكل مطالبها، وحتى لو كانت تضيق عليها شيئا فشيئا، لكنها تختار هذا الحل من أجل المضي في استمالة الشارع، وما أدراك ما يفعله الشارع، فها هي «الوفاق»، وبعيد إعلان انسحابها من الحوار، تدعو لحشد جديد للشارع الشيعي الجمعة المقبلة. لننتظر ونرَ، بماذا سيفاجئنا هذا التجمع الوفاقي.

اللافت في قرار انسحاب «الوفاق» من الحوار، يكمن في أنها تدعي أنه لن ينتج حلا سياسيا للأزمة، وأن مخرجاته معدة سلفا وستزيد التعقيد في الأزمة السياسية في البحرين. لكن الكل يعلم أن التوصيات المفروض أن يخرج بها الحوار لم يتم الانتهاء منها حتى الآن، وبالتالي، لم ترفع للملك حتى ينظر فيها، ثم يقوم بإقرارها، فكيف علمت «الوفاق» أن النهاية لن تكون كما تنتظر للوصول إلى السقف المطلوب، أم إن النهاية السعيدة في نظرها لا تأتي إلا عن طريق التصعيد؟

المتتبع لخطوات وقرارات المعارضة البحرينية يكاد يجزم أنها تتجه للخارج أكثر من الداخل، فهي شاركت في الحوار بعد أن فوجئت بالترحيب الدولي الذي قوبل به، وهي الآن تنسحب من أجل توجيه رسالة للخارج ورمي الكرة في ملعب الحكومة؛ فبيان «الوفاق» يعتبر أن الحوار «لا يهدف إلى إيجاد حل سياسي شامل دائم لما نطالب به، ويطالب به المجتمع الدولي». وكل مراقبي «الوفاق» يعون أن لعبها على وتر التعاطف الخارجي هو أكثر ما تبرع فيه، حتى ولو كان على حساب الوطن بأسره.. فعن أي مصالح وطنية يتحدثون؟

بقى أن نذكر «الوفاق» أنه بدلا من إصدار البيانات الحماسية المتتالية، لإدانة التفجيرات الإرهابية في الهند، والترحيب بالمصالحة الفلسطينية، أو بالإصلاحات الدستورية في المغرب، ألم يكن من الأجدى إصدار بيان، مجرد بيان، ضد التصريحات الإيرانية الرسمية الأخيرة بالدعوة لـ«فتح البحرين» وإقامة حكومة إسلامية؟ أم إن هذه معروف موقف «الوفاق» منها ولا تستحق تكراره؟!

[email protected]