العيون الشامية لا تغري!

TT

رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، ومبعوث اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط، حاليا، سئل، مؤخرا، عما إذا كان الأوان قد فات بالنسبة إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، في إطفاء الثورة الشعبية، والبقاء، فأجاب بصراحة لقناة «فرانس 24»: أعتقد أن الجواب هو نعم. لكن بلير لاحظ أيضا أن فكرة القيام بعمل عسكري في سوريا لا تحظى بدعم دولي.

قبله قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحافي مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، إن شرعية الأسد قد انتهت، وإن رهان الرئيس السوري على أنه لا بديل للمجتمع الدولي عن نظامه، رهان خاطئ، فهناك بدائل لضمان السلام. وكانت قد قالت هذا المعنى، قبل ذلك، في مقالة لها بجريدة «الشرق الأوسط».

كلام بلير، هو الأقرب لفهم طبيعة الموقف الدولي، وفي مقدمه الموقف الأميركي، تجاه النظام الأسدي. والأهم من الموقف الدولي هو الموقف العربي، فنحن تجاه قرار عربي، بالإبقاء على نظام الأسد، وعدم تكرار الموقف الغربي - العربي، المتخذ ضد نظام القذافي.

نبيل العربي، الوزير الثوري، والأمين العام الجديد للجامعة العربية، عبر بوضوح عن موقف العرب، الرسمي، تجاه نظام دمشق، وهو - بالعربي - خذلان الثورة السورية، وعدم اعتبارها ثورة شرعية أسوة بالثورة المصرية والتونسية.

لا غموض إذن، خصوصا بعد نكوص الأتراك، بعدما تبين لهم عدم وجود حماسة عربية، وخليجية تحديدا، لتشجيع الثوار السوريين ضد النظام. وقد تسرب مؤخرا الحديث عن مبادرة تركية «أردوغانية» خلاصتها: «لا يقتل الذئب ولا تفنى الغنم»، وفي حالتنا هذه «الأسد»! أي الضغط على نظام الأسد لإجراء إصلاحات حادة، تكفل إشراك المعارضة في الحكم، بقيادة الإخوان، دون فناء النظام.

السؤال، وقد سبق طرحه بصيغ مختلفة، من قبل مقيد هذه الكلمات، وغيره: لماذا الإصرار الدولي العربي التركي - وأيضا الإسرائيلي الإيراني! - على أنه لا يمكن تصور وجود بديل للنظام في سوريا، قياسا بمصر وتونس وليبيا واليمن؟

هناك احتمالات كثيرة في الجواب، منها الخوف من حدوث حرب طائفية. لكن كل مطالع لقصة الاستقلال السوري يدرك كيف تجنب السوريون فخ «الدويلات الطائفية» على يد الاستعمار الفرنسي، بعد رهانات عابرة على ذلك، من قبل بعض أبناء هذه الطوائف، وترجم ذلك حينما أعلن الجنرال الفرنسي غورو في 1920 ميلاد «دولة العلويين» ومن ثم حول اسمها إلى «حكومة اللاذقية» مع وضعها تحت الإدارة المباشرة لفرنسا، لكن في 1922 أعلن غورو ميلاد «الاتحاد السوري» بين حكومات دمشق وحلب واللاذقية بعد أن لمس عدم رغبة الشعب بالانقسام، وبعد ذلك كانت انتفاضة المناضل السوري «العلوي» صالح العلي من أجل الاستقلال وبقاء اللاذقية في الاتحاد السوري مع دمشق وحلب.

هنا نسأل، ببراءة تامة: لماذا تكون هذه الحصانة من التفتت الطائفي فقط في الماضي السوري، وليس الحاضر، ثم لماذا تحصر العقلانية السياسية في الوضع مع إسرائيل، فقط في مرحلة العهد الحالي؟

سؤال لمن لم يقرأ سوريا تاريخيا، أو قرأها حاليا بـ«عيون مغلقة باتساع».